الرقة تُذبح بخِسَّة
صباح يوم الجمعة الماضي عُثر على إبراهيم عبد القادر، أحد مؤسّسي حملة «الرقة تذبح بصمت»، المدير التنفيذيّ في مجلة «عين على الوطن»، وفارس حمادي، رئيس قسم المونتاج في المجلة نفسها؛ ذبيحين على يد «صديقٍ» لهما في مدينة أورفا التركية.
انتمى القاتل سابقاً إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وانشقّ عنه منذ أشهرٍ، كما زعم، وبعد أن قضى في سجونه مدّةً، كما يقول مقرّبون. ولكن لا يبدو أن هناك دافعاً آخر لديه للقتل سوى إيمانه بداعش وتبنيه أساليبها، وإن كان التنظيم نفسه لم يصدر شيئاً عن هذه العملية التي تناقل أنصاره خبرها شامتين. وربما لم تكن له علاقةٌ مباشرةٌ بها بالفعل، بدليل ركاكة العملية وخلوّها مما تحرص دولة الإصدارات على إظهاره واستثماره في مناسباتٍ كهذه، من الاعتراف بالعمالة للغرب والانتماء إلى «الصحوات»، والتفنّن المرضيّ بالقتل إثر ذلك.
يرى البعض أن طلاس سرور، وهو اسم القاتل، خادع الناشطَين بزعم انشقاقه عن التنظيم، كما خادعهما حين أقاموا في منزلٍ مشتركٍ أو سكنٍ متداخل. ربما كان هذا صحيحاً، وربما استيقظت في نفسه جرثومة القتل بعد أن ترك التنظيم بالفعل وحنّ إلى أيامه فيه. المهم أن من نالته أنياب تنظيم البغداديّ ونقلت إليه عدواها شفاؤه صعب، وردّته إلى التوحّش دانية. فما بالنا نرحّب بكلّ من ينشقّ عنه أو يزعم ذلك، متناسين ما شارك فيه من إجرامٍ، بنسبةٍ أو بأخرى، أثناء وجوده في التنظيم، في ظلّ غياب معلوماتٍ دقيقةٍ ومسؤولياتٍ محدّدةٍ وأجهزة قضاءٍ مستقلٍّ ونزيه؟
وكيف نأمن فيروس القتل والتلذّذ فيه بعد أن دخل نفوساً ربما صارت تحتاج إلى علاجٍ بالفعل مما أوغلت فيه من عتهٍ وتجبّرٍ ودمويةٍ مستسهلةٍ، بل عابثة! وها هو ابن التنظيم يفعل ما سبق أن فعله التنظيم ذاته من خيانةٍ من قبل، في الرقة ودير الزور وحلب وإدلب وريف دمشق... إلخ؛ يستغلّ ثقة أصدقائه ليغدر بهم، في سلوكٍ لا يحوز الحدّ الأدنى من الأخلاق المفترضة في توجّهٍ ينتحل خطاب الدين.
تعازينا لأسرتَي الفقيدين وأحبّائهما، ولحملة «الرقة تذبح بصمت» وللمجلة الزميلة «عين على الوطن». ونسأل الله أن يشدّ من أزر «الصحوات» ومن والاها، ومن تبعها بأخلاقٍ إلى يوم الدين.