أمن المنــاطق المحـرّرة
من المعـروف أن انتقال الثورة السوريّة من كونها حراكاً جارفاً يؤدّي بسرعةٍ إلى إسقاط النظام، وفق المثالين التونسيّ والمصـــريّ من تجـــارب الربيــع العربي، إلى كونها حرب مناطق، بعد أن سيطر الثوار على أكثر من نصف مساحة البلاد، قد أوجب عليها كثيراً من المهام الصعبة التي لم تكن تخطر للثوار الأوائل على بال، بإدارة المناطق المحرّرة وتلبية احتياجاتها المختلفة، فضلاً عن الدفاع عنها.
وهذه الحــاجات معـــروفــة، والعاملــون على تلبيتهـــا كثيرون، من مجالس وهيئاتٍ وجمعياتٍ محليّةٍ وأخرى عامة، وإن كانت النتائج أقل بكثيرٍ من المأمول، نتيجة النقص الفادح في الدعم عن المتطلبـات الكبـــيرة، وسوء إدارة هذا الدعم القليل أيضاً، في المجالات الإغاثيّة والصحيّة والتعليميّة والخدميّة.
ولكن حاجـة سكـــّان المناطـــق المحرّرة إلى الأمن لا تتوقف على الدعم فقط، على أهميتـــه في تشكيل أجهزة الشرطة الثوريّة أو الكتائب الأمنيّة أو ما يناظرها، وتمويلها؛ بل يقع جزءٌ كبيرٌ من مسؤولية توفيره على عاتق القوّات القائمة والمسيطرة على الأرض، من ألويةٍ وجبهاتٍ وحــركاتٍ يجب أن لا يكون موقفـها محايداً من اختطاف النشطاء أو الناس عموماً أو الاعتداء على ممتلكاتهم، بذريعة أن مهمتها تقتصر على قتال النظام. كيف وقد أناطت بنفسها وراثة الدولة، إن من جهة التحكّم فيما يقع تحت يدها من الموارد العامة للبلاد، أو لجهة إصدار بعض التشريعات أو الأنظمة؟!
إن لم نصــدّق الاتهامــات الــتي تقول إن هذه القوى هي المســؤولة عن الخطف أصلاً!.