في ذكراها الخامسة... الثورة مستمرّة
يحقّ لنا الاحتفال، هذا العام، بذكرى انطلاقة الثورة بوصفها فاتحة انعتاق السوريين من الاستبداد والظلم... هذا وصفها على الدوام، ولكن سنواتٍ مرّت بدا فيها الألم أكبر من التفاؤل، وغموض الطريق يطغى على الضوء الشحيح البادي في آخر النفق الذي طال.
ولكن ما رافق ذكرى انتفاضتنا هذا العام يبعث على التفاؤل الجديّ بقرب الخلاص؛ فها هي المظاهرات تعمّ سوريا بمجرّد إتاحة الفرصة لها في ظلّ الهدنة، وها هي القوّات الروسية الضاربة تغادر معسكر الأسد دون أن تحقّق تغييراً جوهرياً في مشهد السيطرة على الأرض، وها هو المجتمع الدوليّ يضع الانتقال السياسيّ للحكم على السكّة بصرامةٍ واضحة. وأخيراً، ها هي داعش تتراجع في سوريا والعراق، وتفقد هالة القوّة التي قدّمت بها نفسها وأزاغت أبصار الكثيرين للأسف.
إنها فرصٌ كبيرةٌ أمامنا، لاستعادة النبض الأوّل لأهدافنا في الحرّية والكرامة ودولة القانون في مواجهة المستبدّين بكلّ ألوانهم الآيديولوجية، ولاغتنام جولة المفاوضات الحالية التي يمثلنا فيها وفدٌ متماسكٌ يجمع المعارضين السياسيين مع قادة الفصائل المقاتلة، في مواجهة وفدٍ كاريكاتيريٍّ كالعادة، ولكنه هذه المرّة بلا ظهرٍ سوى قوّات الأسد المهلهلة وداعميها من الميليشيات الطائفية التي يضيق الخناق عليها إقليمياً يوماً بعد يوم.
ولنأمل أننا تعلمنا من دروس السنوات الثقيلة الماضية، وغادرنا الاعتداد الأجوف بالنفس ومعارفها المتواضعة، وبالفصيل وحجمه المحدود بالقياس إلى الوطن، لنبدأ مسيرة التوحّد والعمل الجماعيّ والتكامل، فالكثير الكثير من العمل ينتظرنا في سوريا الجديدة التي نأمل أن نراها هذا العام، والكثير أمامنا أيضاً حتى نصل إليها.
وفي غمرة هذا المشهد الكبير تحتفل هذه المجلة بأمرين؛ الأول هو دخولها عامها الرابع وقد أصرّت أن تحافظ على انتمائها إلى الثورة وأهدافها وناسها رغم الصعاب والتقلبات العاصفة، والثاني هو المشاركة الرمزية لشبانٍ شجعانٍ من دير الزور لأهلهم في باقي سوريا باحتفالات الثورة، رغم الخطر الشديد في ظلّ الحكم الأسود لداعش، حيث كان يمكن أن تكلفهم هذه الصورة حياتهم بكلّ بساطة.
مبروك لكلّ سوريا الحرّة رفع علمها بهذه الكثافة من جديد... ومبروكٌ خاصّةٌ لدير الزور لرفعه فيها. وإذا كانت السرعة قد جعلت شريطه الأسود يعلو ففي ذلك دلالةٌ على حال المدينة التي ستتحرّر قريباً وسيعلوها الأخضر بعد غياب.