- الرئيسية
- مقالات
- رأي
إمارات حزب الاتحاد الديمقراطي (pyd) في محافظة حلب
كانت كلمة الحزب ترمز سابقاً إلى حزب البعث، أمّا اليوم فصارت حسب الجغرافيا، فهناك حزبان: البعث، والاتحاد الديمقراطي، ولربما يرجع هذا التماثل في التسمية إلى طريقة كلا الحزبين في الحكم والإدارة واعتمادهما على أجهزة مخابراتية قوية، وبالطبع لكل مصالحه وغاياته التي تتقاطع وتتشارك أحياناً.
استطاع الحزب، وبعقلية نفعية تصل لحد الانتهازية، الاستفادة من الصراعات العسكرية التي تجري على الأراضي السورية، والسيطرة على أجزاء مهمة من الأرض، سواء بمعارك عسكرية مع فصائل الجيش الحر، أو عبر اتفاقات مع النظام، ومؤخراً من خلال المعارك التي يخوضها لطرد داعش من محافظتي الرقة ودير الزور، وبدعم أميركي واضح، حيث وجدت فيه الولايات المتحدة قواتٍ برية وكيلة مدربة وذات انضباط عسكري جيد، وخاصة أنها لم تتمكن من تكوين فصائل عربية من الجيش الحر لمحاربة داعش فقط.
مع بداية عام 2016، العام الذي تلقت فيه المعارضة أقوى ضربة عسكرية وسياسية، على يد قوات النظام والميليشيات الشيعية والضربات العنيفة الروسية، حيث تمكنت من شق الريف الشمالي لحلب، ومن ثم السيطرة على كامل مدينة حلب في نهاية العام نفسه، تمكن من توسيع سيطرته خارج مدينة عفرين ليحتل حوالي خمسة عشر قرية عربية في الريف الشمالي، مهجراً غالبية سكانها.
وفي مدينة حلب، وعقب الضربة التي أنهت الوجود العسكري للمعارضة نهاية عام 2016، تمكن الحزب المذكور، وبالتنسيق مع قوات النظام من السيطرة على أربعة أحياء جديدة وهي: بستان الباشا والهلك وبعيدين والحيدرية، فضلاً عن سيطرته السابقة على حيين آخرين هما الشيخ مقصود وجزء من الأشرفية.
يفرض الحزب سياجاً أمنياً مرعباً حول إمارته في عفرين من خلال نظام مراقبة وتفتيش على مدخليها من جهة الريف الشمالي: معبر أطمة، ومن جهة الريف الغربي: معبر الغزاوية.
يخضع المسافر من الريف الشمالي (اعزاز) إلى الريف الغربي أو إلى إدلب، أو إلى حلب لعملية تفتيش وتفييش، إضافة لدفع رسم عبور مالي (2000) ل.س، عدا عن أجرة السيارة، أما الموظفون لدى النظام فقط فهم معفيون من هذا الرسم، ناهيك عن أن الحركة لا تتم إلا بشكل جماعي للسيارات بما بات معروفاً لدى الناس بالترفيق، وهو عملية تجميع للسيارات تصل لساعات، مع مرافقة من عناصر الحزب من مدخل إلى مخرج الإمارة.
أمّا السكان العرب في القرى التي ألحقها الحزب بالإمارة، والذين بقوا في قراهم، فمعاناتهم خاصة، وأكثرها ألماً أنهم ممنوعون من السفر إلى المناطق المحررة، حيث يتم تخييرهم بخيار وحيد «ديمقراطي» جداً وهو إما البقاء أو السفر بلا رجعة، بينما لا مشكلة في سفرهم إلى مناطق النظام. وكثير منهم لا يستطيعون رؤية أهاليهم أو أقاربهم حتى في الأعياد.
والثانية هي فرض منهاج الإمارة باللغة الكردية على طلاب المدارس، إذ أخضعوا عدداً من المعلمين غير المجازين لدورة قصيرة حول منهاجهم الجديد باللغة الكردية. رفض الأهالي في هذه القرى «منهاج الحزب» وعبروا عن احتجاجهم بمنع أبنائهم من الذهاب إلى المدارس ( كما حدث في بلدتي مريمين ودير جمال) وكان موقف الإدارة «الديمقراطية» متوقعاً: إما المنهاج أو إغلاق المدارس.
من الجانب الآخر تتسم علاقة الحزب بالميليشيات الشيعية الإيرانية، وقوات النظام اللتين تسيطران على عدد من القرى المجاورة، بالتعاون والتعاطي الإيجابي، نظراً لما يوحدهما من مواقف تجاه الجيش الحر، وما يجمعهما من مصالح ومنافع متبادلة.
في مدينة حلب، حيث الأحياء التي ذكرناها سابقاً، والتي يسيطر عليها الحزب، بحجة أن قاطنيها أكراد، (للعلم فإن غالبية سكان تلك الأحياء الأربعة عدا الشيخ مقصود هم من العرب والتركمان)، فقد كانت في بداية سقوط أحياء شرق حلب مرتعاً لقوات الأمن، التي تمكنت من اعتقال عدد من عناصر الجيش الحر وبعض المنشقين عن جيش النظام، وبالتنسيق التام مع عناصر الحزب، وهو ذاته الذي منع اعتقال من يواليه من الانتهازيين والمتعيشين على هوامش الأعمال الخدمية أيام سيطرة الجيش الحر على تلك الأحياء.
تجسّد أنظمة الإمارة «الديمقراطية» سوء النزوع الديكتاتوري المعادي لقضية الحرية، المكرس لنهج الاستبداد، الذي يحتقر الفرد والجماعة، ويرى في أي صوت مغاير لصوته عدواً، لا يمكن أن يتعامل معه إلا بالاجتثاث.