إعلاميو الأسد: إشهار الطائفيّة وزعامة ميليشياتٍ أمنية!

يتألق إعلام النظام السوريّ في إبراز وجوهٍ جديدةٍ قادرةٍ على ابتكار الأكاذيب التي تلمّع الأسد. ويمكن اعتبار جعفر أحمد وعصام محمود ذروة ما أنجبه القصر الجمهوريّ من إعلاميين بعد اندلاع الثورة.

ينحدر جعفر أحمد من عائلةٍ علويةٍ من ريف جبلة، لها باعٌ طويلٌ في المؤسّسات الأمنية والعسكرية، وفي تموز الماضي قتل شقيقه العقيد قصي في منطقة الضمير بريف دمشق.

يقدّم جعفر نشرات الأخبار في التلفزيون الرسميّ، ويعرّف عن نفسه في صفحته على فيسبوك بأنه إعلاميّ. درس جعفر الإعلام في دمشق بالفعل، ونظراً لانتمائه إلى حزب البعث فقد عمل في الجامعة مخبراً بلا راتب، بالإضافة إلى كونه وسيطاً نشطاً بين شبكة تهريبٍ للتبغ من العراق ولبنان -كان يرأسها شخصٌ من آل مخلوف المقربين من عائلة الأسد- وبين زملائه الطلاب. ولأنه لم يكن مؤهلاً لدراسة أيّ اختصاص، لجأ إلى رشوة عددٍ من المدرّسين للنجاح في بعض المقرّرات، أما المواد التي أخفق في شرائها فقد لجأ إلى السوق السوداء التي تنشط وقت الامتحانات الجامعية وتتمثل في الغش الإلكترونيّ، بحيث يتمّ تلقينه الإجابات داخل قاعة الامتحان عبر البلوتوث مقابل مبلغٍ متفقٍ عليه. ورغم ذلك فشل في بعض المواد التي أبقته لعدّة سنواتٍ مستنفداً أعوامه الدراسية، حتى جاء عهد الدكتورة نهلة عيسى سيئة الصيت ومنحته التخرّج.

بدأ جعفر مسيرته المهنية في التلفزيون السوريّ كعامل إضاءة، ثم فرضه القصر الجمهوريّ مذيعاً بعد اندلاع الثورة نظراً لنشاطاته، فقد شارك مع عناصر الشبيحة في حصار المتظاهرين في مساجد دمشق، واعتدى بنفسه عليهم. ولم يكن يخفي إجرامه ضد المعارضين لحكم آل الأسد، فكثيراً ما كان يهدد زملاءه ممن لا ينتمون إلى طائفته، مثل المذيعين أحمد فاخوري قبل انشقاقه ومحمد السعيد قبل اختفائه، بعبارته الشهيرة، حاملاً عصاه الملطخة بالدماء: «هذا دم كلاب أهل الميدان»!

ويتحدث مطلعون عن ترؤس جعفر أحمد حالياً لشبكةٍ كبيرةٍ من المخبرين، وعمله كضابط ارتباطٍ بين وزارة الإعلام وفروع الأمن، إذ يعدّ أحد الأذرع الأمنية للواء جميل حسن مدير إدارة المخابرات الجوية.

ولا يختلف عصام محمود عن رفيق دربه. إذ ينحدر من بلدة الدريكيش ذات الغالبية العلوية بريف طرطوس. وهو ابن عائلةٍ لها باعٌ طويلٌ في العمل لدى المؤسّسات العسكرية والأمنية والمدنية للنظام، عمّه لواءٌ في أمن الدولة، وكان عمّه الآخر مديراً لوكالة الأنباء الرسمية سانا قبل أن يصبح سفيراً للنظام في طهران.

يعرّف عصام نفسه في صفحته على فيسبوك بأنه «إعلامي ومراسل حربي» للقناة الفضائية السورية. ويصفه زملاؤه السابقون في جامعة دمشق بأنه طائفيٌّ خبيث، ومتملقٌ للأقليات الأخرى يتقرّب من أبنائها محاولاً استمالتهم، باستثناء الأكراد الذين كثيراً ما كان يحقرهم ويشتمهم علناً. عمل مخبراً في المدينة الجامعية، حيث أوكلت إليه حراسة أحد المباني المخصّصة للإناث، وكان يقوم بابتزاز الطالبات من طائفته اللواتي يصادقن شاباً لا ينتمي إلى الطائفة.

لم يتخرّج عصام محمود، ففي عام 2008 فُصل من الجامعة بعد أن استنفد أعوامه الدراسية في السنة الثالثة من قسم الإعلام. ورغم ذلك كافأه النظام عام 2013 بتقديم البرنامج الحواريّ التلفزيونيّ «المنبر»، ليظهر على الشاشة بفجاجة الألفاظ مع الميل إلى إظهار لكنته العلوية، وهي سابقةٌ لم يكن مسموحاً بها في التلفزة الرسمية منذ انقلاب حافظ الأسد عام 1970.

يصول عصام ويجول متغطرساً في مبنى الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، يتحرّش بما يتيسر له من مذيعاتٍ وموظفاتٍ وعاملات، حتى صار مثار سخرية زملائه الشبيحة أنفسهم. ولا يتوانى، بين فترةٍ وأخرى، عن نشر صوره في معارك الإبادة بدرعا، متباهياً وهو يحمل أصناف الأسلحة. اشتهر بتقديمه خبر ظهور بشار الأسد في حيّ جوبر الثائر منذ عامين، وإلقائه خطاباً جهورياً مبتذلاً يوحي بانتصار الأسد على «التكفيريين»، ليتبين في ما بعد أن ظهور بشار كان في حيّ العباسيين بقلب دمشق. ومن أبرز شطحات عصام أنه صرّح، في حوارٍ أجراه مع نفسه في موقعٍ مغمورٍ يسمى «وطني برس»، أن «كتاب نهج البلاغة للإمام علي بن أبي طالب فيه من المعلومات ما يفيد الإعلامي في كل المجالات»!

عصام محمود