أمريكا تؤكــد... روسيا تدحض...

 

أمريكا تؤكــد... روسيا تدحض...
اعتراف أمريكي بالسارين.. وبدأ تسليح الثوار

"نعم استخدم الأسد غاز السارين في سورية". كانت هذه الجملة جاهزةً على لسان خارجيّات الدول الغربية، وتنتظر موعداً مناسباً للنطق بها. فهي لا تستهدف في الحقيقة بيان مضمونها "بأن هناك جريمة إبادة بالسلاح الكيماوي"، فهو ما بات معروفاً حتى لدى القيادة الروسية، إلا أن للجملة دوراً في تبيان تبدّل مواقف أو محاولة خلق معادلة جديدة يمكن أن تصل إلى عقد مؤتمر جينيف 2. ووجد الرئيس الأمريكي منذ أيام الوقت مناسباً للنطق بها، وقالت  سوزان رايس مستشارة الأمن القومي في الإدارة الامركية: إن خيار فرض حظر جوي على سوريا "وارد"، لافتةً إلى أنه ليس هناك قرار محدد في هذا الشأن خلال الوقت الراهن. ومن ثم تصريح روسي بأن صواريخ s300 قد لا تصل إلى القيادة السورية الآن.

يبحث المحللون عن سياقات سياسية تقود لفهم التطورات القادمة، وكيف يمكن لهذه التصريحات، التي تختلف بين تصعيد من هذا وتهدئة من ذاك، أن تقود لعقد مؤتمر دولي يجمع كافة الأطراف السورية. بينما يتضح خلاف أمريكي روسي جديد، خاصة فيما يتعلق بمؤتمر جينيف2، فروسيا ترى أن تصريح أمريكا غير منطقي وتشوبه الأكاذيب، وأن توجهها نحو التسليح "بأسلحة خفيفة لا تتضمن مضادات جوية" هو ما سيؤدي إلى عرقة عقد مؤتمر سلام دولي.

 

غياب تركي

ويغيب عن الساحة الدولية الحضور التركي بفعل انشغال الإدارة المركزية التركية باحتجاجات اسطنبول، وبدء التخوّف الواضح من خلط الأوراق مرة أخرى، ودخول العامل الدولي في المنطقة المستقرة وذات الأثر على القضية السورية، خاصة من طرف النظام التركي الذي يحاول استيعاب الحالة بدرجة متوازنة من الدبلوماسية وعدم الوقوع في الخطأ، مقابل المعارضة التركية التي بدأت تضفي على شكل الاحتجاجات ما يتعلق بأزمة المنطقة العامة بحيث تقارب بتوجهاتها توجهات النظام السوري وتوظف الحالة السورية بشكل أوضح في الشارع التركي.

 

حضور إيراني

بينما يبدو الطرف الإيراني حاضراً، فمن الناحية العملية لم يغب دوره بفعل الانتخابات الرئاسية عن ساحة الصراع، إذ إن القضية المحورية التي سادت جوّ الانتخابات الإيرانية هي موقف المرشحين من القضية السورية، مع توضح لرعاية الولي الفقيه للطقس الانتخابي والوعود المبطنة باستمرار الموقف الإيراني الأكثر تشدداً في موالاته للنظام السوري وتدخل حزب الله.ويبقى التصريح السوري متأخراً عن الحالة الدبلوماسية العامة، إذ تأتي التفاصيل على لسان محلّلين مدافعين عن النظام، بينما ترسم الخطوط العامة لرؤية النظام السوري وموقفه من خلال خطابات زعيم حزب الله، حسن نصر الله، وبعض تصريحات وزير الإعلام. فما إن لقيت حالة القصير استيعاباً عالمياً، وتقبّلاً من جميع الأطراف الدولية اللاعبة بالشأن السوري، حتى أعلن نصر الله إكمال المعركة، مبرراً تواجد قواته في حلب. وباتت القصير بالفعل خلف ظهر الجميع، من قوى دولية، إلى نظام الأسد، وصولاً إلى المعارضة السياسية التي مالت إلى عدم أسطرة أي قضية عسكرية درءاً للخذلان.
ويبقى الداخل الثوري السوري هو الجهة الأكثر منطقية في التعامل مع الموقف الخارجي، والأكثر تفهماً للوضع. فأولوية الثورة وإسقاط النظام تلغي الاهتمام الكبير بتبدلات المواقف، وتعلن استعدادها لاستقبال السلاح في حال تم التوافق على تسليح المعارضة، بينما لا تعوّل على ذلك كثيراً بفعل التخبط العالمي وانعدام حضور التيار المؤيد بشكل حقيقي لإسقاط نظام الأسد.
ولا تضع القوى الثورية في الداخل أي مخططٍ على طاولتها فوق مخططات العمليات العسكرية وحصار المطارات والكتائب التابعة للأسد، ومنع تغلغل قوى حزب الله.