- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
أطباءٌ وصيادلةٌ سوريون... بين فصلهم من الخدمة أو الانتقال إلى مناطق النظام
أثناء عملية جراحية في مشفى ميداني بريف حلب الشمالي
تعاني سوريا اليوم من نقصٍ حادٍّ في الكوادر الطبيّة، ومحدودية نسبة توافر الأدوية بالتزامن مع الاحتياجات المتراكمة لبعض أنواع الأدوية التي أصبحت مفقودةً بشكل كامل. ويرجع ذلك إلى إغلاق العديد من شركات تصنيع الدواء، الأمر الذي أدّى بدوره إلى اعتماد المرضى في تحصيل دوائهم على الدول المجاورة مثل تركيا ولبنان. وفي سياقٍ منفصلٍ هاجر أغلب الأطباء السوريين بحثاً عن فرص عمل أوفر لهم، في حين قرّر بعضهم البقاء في سوريا على خطوط الجبهات لمعالجة الجرحى، إيماناً منهم بواجباتهم الثوريّة.
التشبيح يطال هروب الأطباء
بعدما فقد نظام الأسد نسبةً كبيرةً من الأطباء الذين هجروا المناطق التي ما زال يسيطر عليها، بسبب المضايقات الأمنيّة عليهم، أصدر نقيب أطباء سوريا لدى النظام (عبد القادر الحسن) منذ عدّة أيّام قراراً جاء في محتواه "كلّ طبيبٍ قد غادر البلاد دون إعلام النقابة وبشكل خطّيّ سيتم شطبه".
والمقصود هنا بمغادرة البلاد هو مغادرة تلك المناطق التي يسيطر عليها النظام. وقد جاء هذا القرار سعياً وراء إجبار الأطباء على العودة إلى أحضان النقابة التي توجد مراكزها في مناطق النظام.
واقعٌ صحيٌّ سيء
بعد أن مرّت أكثر من ثلاث سنواتٍ على عمر الثورة، استنزفت مخزون مصانع الأدوية من الموادّ الأوليّة. وفي المقابل أدّت انتهاكات الأسد إلى تدمير الكثير من المشافي. وقد أكّدت منظمة الصحة العالميّة على ذلك في آخر تقرير لها، عندما ذكرت أنّ 38% من المشافي الحكوميّة قد أصبحت خارج الخدمة بشكل كلّي، فيما خرجت 22% منها عن الخدمة بشكلٍ جزئيّ. أمّا بعض المناطق التي تشهد اندلاع الاشتباكات بشكلٍ مستمرٍّ فقد خرجت مستشفياتها عن الخدمة بواقع 100%، ما أدّى إلى اللجوء إلى إسعاف الجرحى والمصابين إلى الدول المجاورة مثل تركيا ولبنان والأردن.
أطباءٌ غادروا ومتطوّعون صامدون
بالنظر إلى واقع الأطباء السوريين حالياً يقول مطّلعون إنّ أكثر من 80% منهم قد غادروا البلاد بغية الاستقرار والعمل خارج سوريا، بسبب أنّ الحياة داخل الأراضي السورية أصبحت صعبة. رغم الحاجة الملحّة إليهم في هذه الأيّام العصيبة، إذ توفي العديد من الضحايا بسبب التأخّر في إسعافهم. وهذا ما أدّى بدوره إلى إطلاق الدورات التدريبيّة في الإسعافات الأولية، وقد قام بها أطباءٌ لا زالوا داخل سوريا وبشكلٍ تطوّعيّ.
حسن. م أحد متطوعي الهلال الأحمر في مدينة منبج تكّلم لـ"عين المدينة" عن سبب انتسابه إلى هذه المنظمة، موضّحاً أنّ الهدف الأسمى إنسانيّ، وأنه لا زال حتّى الآن يعمل بشكلٍ تطوّعيٍّ هو ومجموعة من الشباب ممن حملهم حبّ الوطن على التفرّغ لخدمة المواطنين.
أما أيمن، وهو أحد سكان المدينة، فقد أشاد بجهود أعضاء الهلال قائلاً: "ما إن تُقصف المدينة حتى نراهم يأتون بسيارات الإسعاف على الفور لإنقاذ من تبقّى على قيد الحياة".
الأدوية وصعوبة تحصيلها
في المقابل، طالب أطباء مدينة حلب بعلاج مشكلة تناقص الأدوية، بعدما تجاوزت نسبة المفقودة منها الــ 40%، بالإضافة إلى الغلاء الذي تشهده أسعارها بسبب ندرتها.
وفي سياقٍ آخر قرّرت نقابة الصيادلة التابعة للنظام إعفاء الخريجين الجدد من شرط الخدمة في الأرياف، هادفةً من ذلك إلى حصر خدمتهم في المدن، وبالأخصّ تلك التي ما زالت تحت سيطرة النظام.
يأتي هذا الحصر الواضح من الشروط المفروضة على الأطباء والصيادلة بسبب نقص الكوادر الطبيّة في المدن الواقعة تحت سيطرة النظام من جهة، وبسبب ازدحام المشافي بالمرضى والجرحى من عناصر النظام وميليشيات حالش. ويرى الكثيرون أنّ هذه القرارات جاءت بغية التضييق على الأطباء والصيادلة بطرقٍ تبدو للعامة أنّها قانونيّة.