أحوال الطرق والمواصلات في دير الزور

نقل الركاب بين ضفتي الفرات - دير الزور

مع بدء حراك الثورة المسلح، نشبت الكثير من المعارك للسيطرة على طرق المواصلات في محافظة دير الزور، مثلها مثل كثيرٍ من المناطق السورية الثائرة. لكن، بالمقابل، يعطي وجود نهر الفرات أهميةً وخصوصيةً لتلك الطرق ولحركة سفر وتنقل السكان في المحافظة، إذ يقسم مناطقها إلى جزئين؛ "جزيرة" و"شامية".

أما على المستوى العسكريّ الآن، فتنقسم دير الزور المدينة إلى منطقتين، تعدّ إحداها منطقةً محرّرةً من النظام، تضاف إلى مجمل ريف المحافظة الخاضع لسيطرة تنظيم الدولة، فيما يبقى مدخلا المدينة الغربيّ والجنوبيّ، بالإضافة إلى حيّي الجورة والقصور، تحت سيطرة النظام. وأدّى استمرار الاشتباكات في نقاط التماسّ، داخل المدينة وعلى أطرافها، إلى انتقال عقدة المواصلات من دير الزور المدينة إلى مدينة الميادين، نظراً لموقعها الجغرافيّ والأمان النسبيّ الذي تتمتع به. لتؤدّي مجمل هذه العوامل إلى تغيّر خارطة الطرق وحركة المواصلات، وأجور النقل، وحتى وسائطه في بعض المناطق.

 

التنقّل من وإلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام

يعاني سكان حيّي الجورة والقصور من صعوبة الانتقال إلى المناطق المحرّرة داخل المحافظة، وحتى إلى باقي المناطق خارجها. لكن السفر إلى قرى "الخط الغربيّ شامية" يبقى أسهل، لأنه يتمّ من خلال السرافيس المتجمّعة بالقرب من جامع قباء في شارع الجورة الرئيسيّ. ليتغيّر الوضع في حال السفر إلى بلدات ومدن "الخط الشرقيّ جزيرة"، حين لا بدّ من الانتقال بواسطة السرافيس، من حيّ الجورة أيضاً، إلى قرية "حوايج شامية" في الريف الغربيّ، التي يسيطر عليها تنظيم الدولة. ثم يقطع المسافر نهر الفرات، بواسطة القوارب، إلى قرية "حوايج جزيرة" على الضفة الأخرى. لتبدأ الرحلة بعد ذلك بواسطة السرافيس إلى الميادين، مقابل 800 ليرةٍ للراكب، ومنها إلى باقي المناطق. وليستغرق الطريق أكثر من ثلاث ساعاتٍ في أقلّ تقدير، بعد أن كان لا يتجاوز نصف الساعة. ويمكن للمسافر إلى مدينة الرقة أخذ سرفيسٍ مباشرٍ إليها، ينطلق أيضاً من مكان التجمّع في حيّ الجورة، وبأجرة 600 ليرةٍ تقريباً، على طريق دير الزور الرقة القديم. وهو الطريق الوحيد الباقي على حاله إلى مدينة دير الزور. وتخدم الباصات المتجمّعة في شارع الوادي، التابع لحيّ الجورة، المسافرين من الجورة والقصور إلى دمشق. لكن، ونظراً لإغلاق "البانورما"، الطريق الرئيسية المتجّهة نحو العاصمة، نتيجة الاشتباكات شبه الدائمة في المنطقة؛ يضطرّ السائقون إلى الاتجاه غرباً على طريق الرقة إلى قرية "عين البوجمعة"، ثم الانحراف إلى البادية جنوباً، وصولاً إلى منطقة الشولا على طريق (دير الزور- تدمر). ومن هناك تتجه السيارات إلى حمص ومنها إلى دمشق، بعد انقطاع طريق (تدمر- دمشق) المباشر. ليستغرق الطريق زمناً قد يصل إلى 16 ساعةً، وبأجرةٍ تعدّ منخفضةً نسبياً بالنظر إلى طول المسافة المقطوعة، وهي 3500 ليرة.
وبعد أن كان زمن الانتقال من حيّ القصور إلى مركز المدينة، الذي خرج عن سيطرة النظام منذ عامين ونصف، لا يستغرق أكثر من عشر دقائق، أصبح اليوم يزيد على الثلاث ساعات. إذ يجب الركوب إلى قرية الحوايج، وعبور النهر من هناك بأجرة 50 ليرةً عبر القارب، ثم بالسرافيس إلى دوّار الحلبية. كما في طريق الخروج إلى شاطئ النهر بالدراجة النارية أو السرفيس، ثم عبور النهر مجدّداً إلى الجزء المحرّر من المدينة.

من المناطق المحرّرة وإليها

خريطة دير الزور نهائيتصنّف الأحياء الباقية من مدينة دير الزور بالمحرّرة، أو كمناطق تماسٍّ بين تنظيم الدولة وقوّات النظام. وكان الجسر اليوغسلافيّ المعروف بـ"السياسية"، حتى وقت تفجيره، منفذاً مريحاً نسبياً لسكان هذه المناطق. أما الآن، فيتمّ الانتقال من تلك الأحياء إلى قرية حطلة على ضفة النهر الأخرى من خلال القوارب، وبتكلفة 25 ليرةً للراكب، الذي يستطيع الاختيار بعدها بين امتطاء دراجةٍ ناريةٍ بـ200 ليرةٍ أو ركوب تاكسي بـ500 ليرة، لتقله إلى دوار الحلبية في أوّل المدخل الشماليّ للمدينة. وهناك تتجمّع سرافيس النقل العاملة على خط الميادين، مقابل 700 ليرةٍ للراكب. أما فيما يخصّ قرى ومدن الريف الشرقيّ لدير الزور؛ فلم تطرأ تغييراتٌ على طريقها من وإلى الميادين، إلا بارتفاع أجور النقل. فأجرة الراكب من الميادين إلى العشارة، التي تبعد 20 كم، تصل إلى 200 ليرةٍ. وتكلف الرحلة من الميادين إلى البوكمال وبالعكس 500 ليرة. ونظراً لارتفاع تكاليف النقل يفضّل سكان بعض القرى الوصول إلى الميادين بسيارات البيك آب الكبيرة التي تنقل عدداً أكبر، وتساعدهم على حمل حاجياتهم، مقابل أجرٍ أرخص من أجور السرافيس. أما بالنسبة إلى الريف الغربيّ، فقد جاءت إعادة تأهيل جسر معدان لتخفف، إلى حدٍّ كبيرٍ، من معاناة السكان الذين يعتمدون على مدينة معدان، القريبة من الجسر، والتابعة لمحافظة الرقة، كمركزٍ تجاريٍّ وخدميٍّ للمنطقة.
يبقى على قاصد السفر إلى مدينتي الحسكة أو القامشلي التوجّه أولاً إلى الميادين، حيث تنطلق السرافيس في طريقٍ يحاذي نهر الخابور في أوّله، ثم يميل إلى بلدة الصوَر الواقعة على طريق (دير الزور- الحسكة) القديم، ومنها إلى الشدّادي. ثم، وقبل عشرة كيلومتراتٍ من الحسكة، تبدأ منطقة سيطرة النظام. بينما هُجر طريق (دير الزور- الحسكة) "الجديد"، والمعروف بـ"الخرافي" نسبةً إلى الشركة التي نفذته، بسبب تحوّل عاصمة المحافظة إلى الميادين التي يبعد طريقها عنه. وتبلغ تكاليف الرحلة إلى الحسكة 1500 ليرةٍ تقريباً، في حين يدفع المسافر من الميادين إلى الرقة 1200 ليرة. أما الباصات المتجهة من الميادين إلى دمشق فتسلك الطريق الدوليّ باتجاه مدينة دير الزور، وقبل مسافةٍ منها تنحرف في طريقٍ صحراويٍّ لمسافة 20 كم تقريباً لتصل إلى منقطة الشولا، وتتابع طريقها من هناك إلى تدمر. فيما لا يقصد الكثير من أهالي دير الزور السفر إلى حلب وإدلب، إلا إذا كانت وجهتهـــم الأراضـي التركيـــة تهريباً أو من خلال معبري باب السلامة وباب الهوى الحدوديين، وبتكلفةٍ تزيد على 8000 ليرةٍ، تضاف اليها أجرة المهرّبين عبر الحدود في حالة التهريب. وهنا، يـــجد بعــض السـائقين استثماراً إضافياً بالتعامل مع مهرّبيـن محدّدين مقابل عمولةٍ خاصّةٍ على كلّ مســافرٍ أو "رأسٍ"، وفق تعــبير بعض السائقين الذين أثرى كثـــيرٌ منهم نتيجة هذه التغيرات الـــهائلة التي طرأت على وجهات التنقل والسفر.
وخلال الأشهر الماضية، بعد إزالة الحدود مع العراق، ظهرت خطوط نقلٍ جديدةٌ إلى مدن القائم والموصل، في رحلاتٍ يوميةٍ تنطلق من مدينة الميادين أيضاً، تقلّ في غالبية ركابها التجار والفضوليين، وبأجرة 1000 ليرةٍ إلى القائم العراقية، و4000 ليرةٍ إلى الموصل. ولا يتقاضى عناصر تنظيم الدولة أية ضرائب او رسومٍ من سيارات نقل الركاب في معبر البوكمال الحدوديّ، الذي تحوّل إلى مجرّد نقطة تفتيشٍ عادية. في حين يدفع سائقو الشاحنات مبلغ 3000 ليرةٍ كرسم عبور، أو ضريبةٍ، لعناصر التنظيم.
تعدّ تكاليـف النقل مرتفعــةً بشكلٍ عامٍّ، وتفوق الإمكانات المادية لمعظم سكان المحافظة. ويتذرّع السائقون دوماً بارتفاع أسعار الوقود، وبمخاطر الطرقات، وبكثرة الأعطال التي تصيب سياراتهم نتيجة اهتلاك الطرق وكثرة الحفر فيها، والدروب الترابية الجديدة التي يسلكونها. كما تحوّلت الشكوى من مازوت الحرّاقات البدائيّ إلى تقليدٍ دائم. فيــما يشكك الركاب بهذه الأعذار، متّهمين السائقين بالجشع واستغلال الظروف لتحقيق أرباحٍ سريعةٍ وفاحشة.

شهد النقل النهريّ عبر الفرات ازدهاراً لافتاً نتيجة تقطّع الطرق بين مدن وبلدات المحافظة، فظهرت عشرات المراكب الصغيرة المخصّصة لنقل الركاب بين الضفتين. فيما طوّر البعض سفناً أو عبّاراتٍ خاصّةً لنقل السيارات، تكون على شكل ساحةٍ مستطيلةٍ أو مربعةٍ تتلاصق في أسفلها عشرات البراميل، وترتبط في أغلب الحالات بـ"كبلٍ" بين الضفتين يضمن عدم جنوحها مع تيار الماء. وبأجرة 1500 ليرةٍ للسيارة الواحدة، دون أن ينزل الركاب من مقاعدهم.

تكاليف التنقل في ومن محافظة دير الزور (بالليرة السورية)

جدول مواصلات دير الزور