أبناء ريف حلب... أسرى قوانين النظام، ومشتبَهون على حواجزه

لا زال هناك شبابٌ كثرٌ من أبناء الريف الحلبيّ يراجعون شعب التجنيد في المدينة، من أجل تسيير أمورهم المتعلقة بخدمة العلم. وحسب شهود عيانٍ، تعيث الفوضى بشعبة التجنيد، وووصل الفساد فيها إلى أعلى الدرجات. ومن جهةٍ أخرى، تعيش مناطق حلب التابعة للنظام تحت رحمة الحواجز المنصوبة بين كل حيٍّ وحيّ. ويقوم عناصر هذه الحواجز بمضايقة المارّة، لاسيما وأنّهم أصبحوا يملكون سلطاتٍ مطلقةً فيما يتعلّق بالتعامل مع المدنيّين.

شعبة التجنيد بحلب

في حيّ الفرقان تقع شعبة التجنيد الوسيط في حلب، والتي أصبحت تختصّ بتسيير أمور الشباب العسكريّة، كالسَّوق إلى الخدمة والتأجيل الدراسيّ وتحصيل الأوراق الإداريّة الأخرى. وتشكّلت هذه الشعبة لتسيير أمور أبناء المناطق الريفيّة بحلب منذ أكثر من سنةٍ ونصف، بقرارٍ من شعبة التجنيد العامّ في دمشق، بغية تخفيف ضغط مراجعي العاصمة. ويقوم على إدارة الشعبة عددٌ من الضبّاط والعناصر ممن كانوا يديرون شعب التجنيد في الريف، ومعظمهم هرب من تلك المناطق عندما دخل إليها الجيش الحرّ، وطلب نقل وظيفته إلى حلب.
يملك صالح مركزاً للخدمات الجامعيّة والإداريّة في مدينة منبج بريف حلب. وقد روى لـ"عين المدينة" قصّة عمله قائلاً: "البعض من الشباب هنا لا يجرؤون على الذهاب إلى حلب، خوفاً من القصف أو الاعتقال على الحواجز، لذا يسجّلون لديّ وأنا بدوري أذهب بالأوراق إلى حلب من أجل إنجازها". ويضيف: "في حلب أعرف رقيباً يعمل في شعبة التجنيد، يقوم بخدمتي مقابل مبلغٍ ماديٍّ على كلّ دفتر خدمةٍ أسلّمه إيّاه. كان يقول لي: أنا لا أرضى بأقلّ من 20 ألف ليرةٍ كلّ يوم، ولا أعمل إلا بتسجيل تأجيلات الخدمة التي يقدّمها الطلبة".
ورفض صالح البوح بتفاصيل أكثر، خوفاً من أن يخسر عمله، لكنه قال: "نستطيع تأجير الدفاتر للأشخاص الذين لا يحملون مصدّقة تأجيل، اعتماداً على العلاقات الخاصّة بالعاملين في التجنيد".

حواجز داخل المدن

تتوزّع الكثير من الحواجز داخل مناطق النظام بحلب، وتدقّق على البطاقات الشخصيّة للطلبة. ويشرف على هذه الحواجز عناصر اللجان الشعبيّة، ومعظمهم فلسطينيّو الأصل من مخيّم النيرب.
ولا يوجد مكانٌ ثابتٌ لهذه الحواجز، فهي تتنّقل كلّ فترةٍ من حارةٍ إلى أخرى. ويعاني معظم الطلبة في حلب من مضايقة هذه الحواجز، إذ يقول علي، وهو طالب بكالوريا تقدّم لامتحاناته في حلب: "استأجرتُ منزلاً، بالاشتراك مع رفاقي، في حيّ الميريديان القريب من الجامعة، من أجل تقديم امتحان البكالوريا. وكان هناك حاجزٌ يبعد نحو 50 متراً عن منزلنا. العناصر على الحاجز كانوا يعلّقون علينا بسخريةٍ كلما مررنا من هناك".
ويضيف بسّام، وهو شابٌّ من مدينة حلب: "أكثر الشباب الذين يعتقلهم الأمن أو اللجان الشعبيّة هم من أبناء الأرياف، ويقومون باستغلال جهلهم وعدم معرفتهم بطبيعة التعامل في حلب. هؤلاء الشبيّحة يجب التعامل معهم دون خجلٍ وخوف، فهم ينتظرون أن يظهر الجبن على وجه من يقف على حاجزهم من أجل التعدّي عليه. حدثت على الحواجز داخل حلب حالات "تشليحٍ" كثيرةٌ من اللجان الشعبيّة".
أكثر الحواجز الداخليّة التي تضايق المدنيين، وبالأخصّ الطلبة، هما حاجز الخالدية، الذي يدقّق كثيراً على السيّارات المارّة، وحاجز شفا الموجود بجانب الصيدلية التي تحمل هذا الاسم بحيّ حلب الجديدة. يقول بسّام: "يعدّ هذا الحاجز أكبر الحواجز العسكريّة داخل حلب النظام. ويقوم بتفييش أسماء المارّين عبره، وبالأخصّ من يبدو على شكله أنّه من ريف حلب. أمّا الحواجز الأخرى فمعظم العناصر الموجودين عليها يقومون بمضايقة الفتيات اللواتي يجتزن الحاجز".
الجدير بالذكر أنّه تمّ اعتقال العديد من الطلبة القادمين من الريف، لأسبابٍ منها عدم حمل دفتر خدمة العلم، أو عدم وجود ختم التأجيل الدراسيّ، أو بسبب بطاقةٍ شخصيةٍ مكسورة. وإلى الآن يتخوّف الكثير من أبناء الريف من الذهاب إلى حلب، حرصاً على حياتهم وتجنباً للاعتقال والإهانة.