من أرشيف خطوات
يحاول ناشطون في مدينة «الميادين» أن يسهموا في وضع لبنات مجتمعٍ جديدٍ وفاعل. وقد بدأوا عملهم بحملةٍ أطلقوا عليها اسم «طفلي يبتسم»، تضمّنت نشاطاتٍ فنية وعملية متنوّعة للأطفال النازحين.
تكبر كل يوم. أمي سعيدةٌ جداً بها. والدي يشجعني على سقايتها يومياً. أصبحت بفضلها أحب اللون الأخضر.
هكذا تحدث «زين العابدين» عن نبتة البقدونس التي استحالت إلى نافذة يطلّ منها هذا الطفل الديري الصغير على العالم، وفي الوقت عينه نافذة لنا على مشروع «خطوات للتنمية الاجتماعية»، المشروع الذي وضع في يد «زين» بذور البقدونس التي استحالت نبتة خضراء، ناعمة لكنها تشق التربة وتعلو.
للتعرف على هذا المشروع التقينا بأحد مؤسسيه ليحدثنا عن فكرة المشروع، كيف انطلقت والمحاور الأساسية التي يعمل عليها، فقال: لمسنا من خلال عملنا الميداني في مجالاتٍ اجتماعيةٍ متعددة، في مدينة الميادين، حالة من اللامبالاة عند الكثير من الشرائح الاجتماعية، وحالة من اليأس لا تنسجم مع التغير الحاصل في بنية المجتمع السوري خلال السنوات الثلاث الأخيرة. وافترضنا أن هذه الحالة ربما تنبع من إحساس البعض منا بالعجز وعدم الثقة بالقدرة على التغيير أو المشاركة النشطة والهادفة في خلقه، لذلك قررنا نحن ـ ونحن هذه أعني بها مجموعة من المتطوّعين الشباب بجهود فردية ـ البدء بخطوات مدروسة تشمل كافة المراحل العمرية. وقد أطلقنا حملة خاصة بالأطفال سوف تتبعها أنشطة للكبار تتضمن بشكل أساسي محاضرات للتوعية السياسية والتثقيف الصحي، شعارنا أن لكل منا الحق والقدرة على وضع حجر أساس في في سوريا المدنية المتحضرة.
ويبدو من خلال أنشطة المشروع أن مؤسسيه قد اختاروا البدء مع ذوي الخطوات الناعمة، وتحديداً في مراكز الإيواء حيث ينفذ المشروع معظم أنشطته. وللحديث عنها التقينا بالسيد «ن. م» الذي قال: أول خطوة لمشروعنا كانت حملة بعنوان «طفلي يبتسم». وهي مستمرةٌ إلى الآن في مرحلتها الأولى، التي تضم حوالي 200 طفل وطفلة. تتضمن هذه المرحلة العديد من الأنشطة أبرزها ورشات رسم، ونحت (تشكيل بالمعجون والصلصال)، وحفلاتٌ موسيقية، وعروضٌ سينمائية للأطفال، ومسرح دمى، وتوزيع كتب ومجلات خاصة بالأطفال، بالإضافة إلى جلساتٍ للقراءة، ولعب الشطرنج، وزراعة النباتات والاعتناء بها بإشراف مهندس مختص. وهذا النشاط يشمل زراعة الأحواض في مراكز الإيواء، بشكلٍ يكون له مردود اقتصادي بالنسبة للنازحين.
الفئة المستهدفة من هذه الحملة هم الأطفال بين سن 3 - 12 سنة، النازحين منهم بصورة خاصة، مما يفرض أن يكون مكان تنفيذ الأنشطة هو مراكز الإيواء انطلاقاً من مدينة الميادين.
وحول الفرق بين خطوات وغيره من المشاريع التي تهتم بالطفولة أضاف: في منطقتنا هنالك مجموعات تعمل على أنشطة مشابهة لكنها تفتقر في عملها إلى الديمومة بالنسبة إلى الطفل الواحد، أي أن النشاط لا يستمر أكثر من ساعات قليلة، ويترك أثراً مريحاً لدى الأطفال،
لكنه لا يساهم في إنجاز تأثيرٍ مهمٍ على المستوى البعيد. أما نحن فننفذ مع مجموعةٍ واحدةٍ من الأطفال أكثر من 24 نشاطاً خلال شهر ونصف الشهر، يتم اختتامها بحفلٍ تعرض فيه نتاجات أطفالنا خلال هذه المدة.
وتهدف هذه الأنشطة عموماً إلى تقديم الدعم النفسي للأطفال، وتمييز الذين يعانون من مشاكل أو صدماتٍ نفسيةٍ بينهم، لتأمين علاجٍ مناسبٍ لهم، وتعزيز ثقة الطفل بنفسه من خلال منحه فرصة المشاركة في صناعة أشياء ذات تأثير إيجابي في محيطه، كالزراعة وصناعة الدمى، ومساعدة الطفل على اكتشاف ذاته أكثر، وتنمية قدرته على الاختيار من خلال وضعه أمام أنشطة متعددة، وتنمية مهارات الأطفال العقلية والجسدية، وتنميــــة ميــــول الأطفـــــــــال، وبالأخص تلك التي ترتبط بالأنشطة الأساسية للمشــــــروع، كالرسم والموسيقا والمسرح.
بالإضافة إلى تنمية مهارات التواصل والحوار لدى الأطفال، ومساعدتهم على تجاوز التبعات النفسية الخطيرة للحرب في سورية، بشكلٍ يمكّنهم من التعامل بشكل إيجابي مع الظروف الحياتية التي يمرّون بها.