- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
«الأسلحة المخبأة» ذريعة النظام لسلب الأموال شمالي حمص وأعداد الملتحقين بجيشه بازدياد
عقب انتهاء مهلة الستة أشهر الواردة في اتفاق التسوية الذي أبرم بين فصائل الجيش السوري الحرّ وقوَّات الأسد في ريف حمص الشمالي، وعودة الهدوء إلى المنطقة وتوقف عمليَّات القصف، تفرَّغت شبيحة النظام التابعة للأفرع الأمنيَّة المتعدَّدة لعمليَّات السلب والنهب من الأهالي بطرق مباشرة تارةً، وعن طريق الترهيب والنصب تارةً أخرى، ما سبَّب حالةَ استياءٍ كبيرة بين الأهالي دون أن يجرأ أحد منهم على الاعتراض، أو تقديم شكوى لمسؤول المنطقة (عمار مخلوف مقدم في أمن الدولة من القرداحة) الذي يُعتبر عرَّاب الشبيحة، وتصبُّ في جيوبه الأموال المسلوبة.
منذ تسليم عناصر المعارضة للسلاح مُقابل ورقة التسويَّة (أيار 2018)، وقوَّات النظام تقوم بدوريات شبه يوميَّة في مختلف المناطق شمالي حمص (الرستن وتلبيسة والحولة) بحجة البحث عن "الأسلحة المخبأة" لدى الأهالي، حيث يطلب ضابط الدوريَّة من السكان أن يُسلِّموا سلاحًا من نوعٍ معيَّنٍ، وكميَّاتٍ من الذخائر، وإلَّا يتم اعتقالهم، أو تخييرهم دفع مبلغ من المال مُقابل "غض الطَّرف، وعدم تبليغ القيادة".
يقول "أبو فارس" وهو أحد سكان مدينة الحولة لمجلة عين المدينة: تفاجأتُ بعنصر من الأمن العسكري التابع للنظام يطرق بابي، ومعه عدد من العناصر داخل السيَّارة قرب منزلي، وطلب منِّي أن أسلِّمهم بندقيةً نوع "كلاشنكوف" و2000 طلقة روسيَّة، بالإضافة لمسدس حربي نوع "ماكاروف"، وذلك بعد ورود اسمي في إحدى التقارير المُقدَّمة للفرع من مصدر معلومات (مُخبر) في المنطقة، وتفيد بأنَّي أملك هذه الكميَّة من الأسلحة، حسب زعمهم.
يضيف أبو فارس: أعطاني الضابط مهلة 24 ساعةً لإحضار الأسلحة والذخائر، وإلَّا سوف يتم اعتقالي، وترحيلي إلى فرع الأمن الجوِّي في حمص سيئ الصيت، وعرض عليَّ أن أدفع مبلغًا قدره 150 ألف ليرة سوريَّة مُقابل أن يشطب اسمي من التقرير المقدَّم "للقيادة"، وفي حال دفعت 100 ألف ليرة أخرى سيشطب اسمي من تقاريرٍ مستقبليَّةٍ حالَ وصولها مرة أخرى.
تكرَّرت حالة أبو فارس -الذي اضطرّ إلى بيع درَّاجته الناريَّة وخاتم زوجته، واستدان باقي المبلغ من الأصدقاء والمعارف- مع مئات السكان في المنطقة، وحصل خلالها شبيحة النظام على مبالغ ماليَّة كبيرة، فضلًا عن دفع مبالغ ماليَّة أخرى مُقابل تأجيل البعض منهم عن السحب للخدمة الاحتياطيَّة مدّة شهرين أو ثلاثة أشهر.
كل ذلك وسط عمليَّات دهم واعتقال مستمرَّة تقوم بها قوَّات الأسد بين الحين والآخر ضد شخصيات المصالحة، الذين كان لهم الدور الأبرز في إعادة سلطة النظام إلى المنطقة بموجب الاتفاق الذي رعته روسيا، وكان آخرها اعتقال المشايخ (عبد الرحمن الضحيك، وأحمد صويص، وياسين صويص "كسوم"، وجهاد لطوف)، الذين عملوا في المحاكم الشرعيَّة إبان سيطرة فصائل الثوار والجيش الحر على المنطقة، ومنهم بمهمات استشاريَّة لفصيل "جيش التوحيد" في مدينة تلبيسة الذي تحوَّل بموجب اتفاق مع النظام والروس إلى شرطة محليَّة مُهمتها الرئيسيَّة الحفاظ على الأمن، والإشراف على الطريق الدولي.
وفي غضون ذلك، يعيش الشبان في ريف حمص الشمالي حالةً عامةً من البطالة، وقلَّة فرص العمل، وأوضاع اقتصاديَّة مترديَّة بعد سيطرة قوَّات الأسد على المنطقة، مما دفع العديد منهم إلى الالتحاق بصفوف جيش النظام، والمليشيات المواليَّة له طعمًا بالعروض الماليَّة التي يُروِّج لها النظام، والرواتب السخية، بالإضافة لرغبتهم في "خدمة الوطن"، كما يعلنون في تلك الأجواء الرهيبة. وهو ما أكده لنا عمار المحمد من أبناء مدينة الحولة الذي خرج حديثًا من حمص إلى إدلب عن طريق التهريب، ودفع مبلغ 1500 دولار بعد تبليغه من قبل النظام بضرورة تسليم نفسه لشعبة التجنيد للالتحاق في صفوف الاحتياط.
وعلّل سبب الالتحاق بقوله: مع فقدان الأهالي لمساعدة المنظَّمات الإنسانيَّة التي كانت تُخفِّف أعباءَ السُّكان من خلال المشاريع الخدميَّة والإنسانيَّة التي كانت تُنفذِّها قبل تهجير معظم كوادرها إلى الشمال السوري، التحقت أعداد كبيرة من الشباب "وبشكل طوعي" في صفوف جيش النظام، وذلك "خوفًا من الاعتقال من جهة، وطمعًا بالحصول على الراتب الذي يُقدِّمه نظام الأسد للعناصر في الجيش من جهة أخرى".
وأوضح "المحمد" أنَّ فكرة عودة الشباب إلى الخدمة في صفوف جيش النظام أصبحت واقع لا مفر منه في ريف حمص الشمالي بعد سيطرته على المنطقة، وأصبحت القضيَّة مستساغة لدى قسم من الأهالي بعد أن كانت تُعتبر "جريمةً، وخيانةً بحقِّ الثورة خلال السنوات السابقة". وأضاف: أنَّ "البعض من الآباء -لا سيَّما الموظفين منهم في دوائر الدولة- يحضُّون أبناءهم على الالتحاق بالخدمة العسكريَّة بحجة أنهم سيخدمون في الجيش عاجلًا أم أجلًا، ولكي لا يتعرَّضوا للمضايقات في وظائفهم من قبل قوَّات الأمن التي باتت تعلم كلَّ كبيرةٍ وصغيرةٍ في المنطقة مع انتشار المخبرين بشكل غير مسبوق، وتجنيدهم من قبل النظام مُقابل مبالغ ماليَّة زهيدة".