مدينة الباب... من الثورة إلى التحرير

مئذنة الجامع الكبير في الباب | عدسة أحمد

تقع مدينة الباب في الشمال الشرقي لمدينة حلب، على مسافة 38 كم منها. ويقدر عدد سكانها بحوالي 200 ألف نسمة.

لمدينة الباب تاريخٌ قديمٌ يعود، وفق روايات المختصّين، إلى العهد الروماني. ولها أيضاً تاريخٌ آخر بدأ في أسابيع الثورة الأولى، وبالتحديد يوم 18/4/2011، حين خرجت أول مظاهرة في المدينة، لتتلاحق بعد ذلك فصول حكاية الثورة فيها، وتتغير معطياتها شهراً وراء شهر، وصولاً إلى التحرير الكامل والنهائي.
يقول باري، وهو ناشط من تنسيقية الباب، إنه تعرف على رفاقه خلال المظاهرات الأولى التي اندلعت في المدينة. ويتذكر الاعتصام أمام السرايا لإطلاق سراح المعتقلين، لتلاحق الأجهزة الأمنية منظمي الاعتصام بعد ذلك، مما عمّق الروابط بين الناشطين الذين عملوا على تأسيس تنسيقية مدينة الباب التي ما تزال تعمل حتى الآن، بعد أكثر من سنة كاملة على التحرير.

 

أجبرنا على حمل السلاح

يقول عماد، وهو واحد من مقاتلي الجيش الحر: كنت من أوائل من ركب سفينة الثوار، إذ كنت مدنياً متطوعاً مع الجيش الحر. نحن كنا ضد فكرة حمل السلاح، وكنا نؤيد المظاهرات السلمية، ونحاول أن نوصل رسالتنا. ولكن هذا النظام الطاغي أجبرنا على حمل السلاح، مع أن هذه التجربة مريرة، وتوجد لها سلبيات، ولكننا حملنا السلاح رغماً عنا لندافع عن أنفسنا وعن إخوتنا وبلدنا. كنا ندافع عن ثورتنا بأسلحة خفيفة (بواريد ضغط وبامبكشن) ورغم ذلك كان النصر إلى جانبنا في معظم المعارك، لأننا نقاتل من أجل الحق، والله سبحانه وتعالى إلى جانبنا. بينما جنود الاسد ليس لهم شيء يدافعون عنه سوى كرسي بشار الأسد، ولهذا استطعنا التفوق عليهم والسيطرة على الأسلحة التي كانوا يقتلوننا بها.
يضيف عماد، متذكراً تحرير الباب: بدأت معركة التحرير بعد يوم من مقتل خلية الأزمة، إذ حدثت انشقاقات كثيرة في صفوف عساكر الأسد، ودبّ الرعب والخوف في قلوب الجنود، مما سهّل علينا عملية التحرير التي شاركت فيها معظم كتائب الريف. وسقط الكثير من الشهداء خلال معركة تحرير المدينة، التي استمرت لعشرة أيام، وانتهت بالتحرير الكامل، يوم 29/7/2012.

 

الإدارة والخدمات

إحدى اللوحات الجدارية في الباب

إحدى اللوحات الجدارية في الباب

يواجه "المجلس المدني الثوري" في مدينة الباب تحدياتٍ كثيرة، تأتي قلة التمويل في مقدمتها، وخاصة مع المهمات الجسيمة التي يتصدى لها هذا المجلس في الإدارة والإغاثة والخدمات. ورغم ذلك نجح المجلس، وبعد عمل دؤوب، في كسب الثقة، وأصبح هيئة ذات مصداقية في مجتمع المدينة المحلي، وهي النقطة الأهم في عمل أي مؤسسة عامة، كما يقول سامر طالب، عضو المجلس، الذي يؤكد أنهم أحرزوا نجاحاتٍ كثيرة في نواحي عدة. ويفسّر هذه النجاحات بالتخطيط المسبق لكل مشروعٍ أو عملٍ ولكل مرحلةٍ فيه، مع حشد جميع الإمكانات والطاقات المتوافرة خدمة لهذه المدينة. ففي أعمال النظافة ـ مثلاً ـ يعمل المجلس على جباية رسوم شهرية من المحال التجارية وإنفاقها في تأمين وقود آليات النظافة وصيانتها،

وكذلك الحال بالنسبة لتشغيل مقسم الهاتف الأرضي، إذ يجبى مبلغ 100 ليرة سورية شهرياً من كل مستفيد من هذه الخدمة. ويعرض سامر طالب بعض المشاكل الرئيسية التي تعيق العمل، وأهمها نقص الكوادر الجادة، إذ يتحمس المتطوعون في البداية، لكنهم سرعان ما يشعرون باليأس عندما لا تأتي الظروف كما أرادوا أو خططوا، وبالتالي ينسحبون، وفق تعبير سامر.
ويشكو سامر أيضاً من تدخل بعض الجهات والهيئات الأخرى في عمل المجلس، دون أي خبرة أو معرفة بالعمل المدني العام، في محاولة للهيمنة وفرض الإرادة، على حساب المصلحة العامة. وكذلك الحال مع بعض الثوار الذين يتصرفون أحياناً على هواهم، دون التشاور أو الرجوع إلى المجلس.