مدارس الطوارئ في القصور والجورة 1300 معلماً في مدرسةٍ واحدة.. ومدرسة البلدية تطرد مدرسة المتفوقين بعد أن استقبلتها

مدرسة عادل عدوان ـ دير الزور (صورة أرشيفية)

تركت الحرب تبعاتها على العملية التعليمية في الجزء الخاضع لسيطرة النظام من مدينة دير الزور. فمع تضخّم أعداد الطلاب، نتيجة ارتفاع عدد السكان النازحين إلى حيّي القصور والجورة، وتضخّم عدد المعلمين الذين سجّلوا أسماءهم على لوائح مدارس الحيّين، بعد تعذّر الدوام في مدارسهم الأصلية في الأجزاء المحرّرة من المحافظة؛ صار من الصعب على مديرية التربية أن تسيطر على العملية التعليمية بأيّ شكل.

خارطة المدارس الثابتة والمتحرّكة

كان لمدرسة سامي الجاسم السبق في بدء العمل، ثم تلتها مدرستا حسان العطرة وعمر المختار، التي اقتطعت منها مديرية التربية بناءً للامتحانات وآخر لمدير التربية وموظفيه. وعادت الحياة تدريجياً إلى مدرسة عدنان المالكي، بعد أن قُصفت بصاروخٍ من الطيران الأسديّ راح ضحيته عددٌ من التلاميذ والمعلمين. وافتتحت التربية ثلاثة مراكز تعليميةً تابعةً لمراكز إيواء النازحين التي سبق أن أقامتها المحافظة، وهي مركز جامع الفتح ومركز السكن الجامعيّ ومركز جامع التوبة. أما مدرسة المتفوّقين، رغم قلة عدد طلابها، فقد تعثرت في إيجاد مقرٍّ خاصٍّ لها بعد هجرتها من مقرّها في حيّ الجبيلة، وبعد أن طردتها مدرسة البلدية لتضخّم طلاب الأخيرة، ليستقرّ بها الحال فوجاً ثانياً في مدرسة عادل علوان الابتدائية.
وتعدّ الثانوية الشرعية أكثر المدارس خسارةً، فخلال عامين لم تستطع أن تفتح أبوابها. وبعد فقدانها لمقرّ المديرية ومقرّات ثانويات الذكور والإناث، اختفت الثانويات الشرعية تماماً. ولم تنطلق ولو بشعبةٍ صفيةٍ واحدة، رغم المغريات الكثيرة التي أطلقتها وزارة الأوقاف، بالتعاون مع مديرية التربية، ورغم استثناء طلاب المحافظة من المعدل المطلوب للدخول إلى الثانوية الشرعية، والراتب المغري للطلبة، والقرطاسية المجانية، واللباس الصيفيّ والشتويّ، وخطب الجمع التي حثت على الانخراط والتسجيل في هذه الثانوية. فبقيت متعثرةً حتى الآن، ومهاجرةً من غرفةٍ إداريةٍ في مدرسة رمضان شلاش إلى غرفةٍ ملحقةٍ بالإدارة الهجينة اللاجئة في ملحقٍ بجامع التوبة الواقع في وسط حيّ الوادي، بخمسة طلابٍ وطالبةٍ واحدة. واتحدت الثانويات المهنية في مقرٍّ واحد، فيما انتقلت مدرسة الحاسوب إلى المعهد التجاريّ، بدوامٍ نصفيٍّ لكلٍّ منهما.

مدراء ومعلمون

أصدرت مديرية التربية قراراتٍ تلزم المدرّسين والمعلمين بالدوام الشكليّ، وفرضت مباشرةً شهريةً على كلّ معلمٍ موجودٍ في المدينة قبل تسلمه لراتبه، وذلك لحصر عدد من هم على رأس عملهم ومعرفة الهاربين والمتسيّبين والمتوفين. وقد سجّلت لوائح المعلمين المباشرين في المدارس أعداداً كبيرةً لا يمكن أن تكون منطقية، مع بقاء عشرين مدرسةً فقط تحت إدارة مديرية التربية. فقد زادت لوائح مدرسة سامي الجاسم عن 600 معلماً لفوجٍ واحد. أما مدرسة حسان العطرة فقد تجاوزتها بعددٍ ربا على الـ800 معلماً لفوجين. وحصلت مدرسة عدنان المالكي على أعلى عددٍ بتخطيها الـ1300 معلم. لكن هذا الرقم الكبير لم يمنع مديرها من البحث عن اختصاصيٍّ لمادة الرياضيات، بشرط أن يلــــتزم بالدوام، ويـــــقوم فعلاً بتدريس طلاب الصفّ الخامس في حلقة التعليم الأساسيّ! وساقت الاجتهادات بعض مدراء المدارس إلى محاولة توزيع العمل والعدل في التعامل مع المعلمين، مما حدا بهم إلى إسناد الشعبة الصفية الواحدة إلى عددٍ لا بأس به من المعلمين، بعيداً عن التنسيق بينهم. فأصبحت القاعة الصفية ملعباً يتناوب عليه اللاعبون بإبراز مواهبهم وعضلاتهم المعرفية حيناً والسلطوية حيناً آخر.. وضاعت الطاسة.

...وطلابٌ بلا كتب

فقد الطالب استقراره الذهنيّ، الذي يعدّ أحد الشروط الأساسية للتعلم، نتيجة ما بات معروفاً من ظروف النزوح ومشاهد الموت والخراب. وزاد الطين بلةً شحّ كتب المقرّرات الدراسية، بعد أن قامت داعش منذ مدّةٍ بإحراق الشاحنات القادمة من العاصمة والمحمّلة بالكتب المدرسية. ولذلك حُرم عددٌ كبيرٌ من الطلاب من الحصول على نسخةٍ من المقرّر المدرسيّ. ونتيجة صعوبة شرائه من العاصمة، أو إدخاله ولو خفيةً، ظلّ كثيرٌ من الطلاب بلا وسيلةٍ معينةٍ للفهم والاستيعاب الطبيعيّ.