- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
لتصير مُستعمرَة للإيرانيين… النظام يمنع أهالي السّخنة النازحين من العودة
منذ سيطرتها على مدينة السّخنة في شهر آب الماضي، فرضت قوات النظام السوري بتوجيهات من الإيرانيين الإقامة الجبرية على نحو أربعين عائلة منحدرة من المدينة بالقرب من مدخلها الجنوبي على طريق أتوستراد تدمر، بعد أن أمضت الفترة السابقة في خيام كانت تسكنها بمناطق متفرقة في البادية حول السّخنة، هرباً من القصف المُكثّف لطيران النظام والطيران الروسي، خلال المعركة التي خاضها النظام وحلفاؤه ضد تنظيم داعش في المدينة التي شكّلت آخر معاقل التنظيم في ريف حمص الشرقي.
يقول مدير شبكة السّخنة الإخبارية أنور كنعان لمجلة عين المدينة "إلى هذه اللحظة لا تزال عشرات العوائل على تخوم السّخنة ممنوعة من دخولها، رغم مرور عدة أشهر على سيطرة النظام عليها"، ويُشير كنعان لوجود بعضٍ من أهالي مدينته نازحين في مدينة حمص الخاضعة للنظام لا يُسمح لهم كذلك بزيارة المدينة، "رغم وجود موظفين محسوبين على النظام بينهم".
لم تختلف ممارسات قوات النظام، وعناصر المُرتزقة الموالية لها من (الدفاع الوطني) و (حصن الوطن) بعد سيطرتهم على السّخنة، عمّا سبق لها أن فعلته في جارتها مدينة تدمر، حيث أحرقت مئات المنازل بعد أن نهبتها، فضلاً عن اتخاذ بقية المنازل مقارّ عسكرية لبضع جنرالات روس، الذين يقتصر وجودهم على المدينة مع مجموعة (فاغنر)، والمئات من مرتزقة الميليشيات الطائفية إيرانية التمويل.
تُعزّز الميليشيات التابعة لإيران من سيطرتها على السّخنة، بحماية محيطها الأوسع في قريتي الكوم والطيبة وفي قصر الحير الشرقي، عبر نشرِ دائم لعناصرها هناك، حيث تتمتع السّخنة بموقع استراتيجي هام تتوسط فيه محافظات حمص والرقة ودير الزور، عدا عن قربها من منابع الغاز التي قد تُشكّل محلّ تنافس بين الإيرانيين والروس العازمين على الاستئثار بالثروات الباطنية في بادية الشام.
ينتشر في مدينة السّخنة، وقريتي الكوم والطيبة، بحسب أحمد الأحمد مدير موقع السّخنة الحدث، أعداد كبيرة من عناصر الميليشيات الشيعية (فاطميون الأفغانية، حركة النجباء العراقية، حزب الله اللبناني، ألوية الرضا، لواء الباقر) التي تتلقى أوامرها من فيلق القدس الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني، بما يجعل السّخنة معقلاً ومنطلق هجمات تشنّها الميليشيات ضد تنظيم داعش في منطقة نفوذه المجاورة في البادية، حيث ما يزال التنظيم قادراً على تنفيذ هجمات معاكسة وعمليات كرّ وفرّ ضدها، في معركة يبدو أنها ستطول، وستشابه معركة داعش ضد "الحشد الشعبي" والقوات العراقية في بادية الأنبار في العراق المشابهة من حيث التضاريس بتلالها وهضابها تضاريس بادية السّخنة، فنجمت معظم المواجهات في الأشهر الفائتة عن هجمات متفرقة للتنظيم على مواقع النظام قرب السّخنة أو جوارها المتصل الأبعد، في محيط المحطة الثالثة والثانية وحميمة، وبعض المناطق الأخرى مثل سدّ الوعر على الحدود العراقية.
وإلى جانب تحول السّخنة إلى ما يشبه المستعمرة الإيرانية، وممارسات النظام الحالية ضد أهلها، تُشكل التجارب القاسية التي عايشوها، خلال اقتحام النظام وميليشياته المدينة في تموز 2013، عاملاً إضافياً يمنعهم من العودة، حيث ارتكبت قوات النظام والميليشيات مجزرة بشعة راح ضحيتها (27) شخصاً من السكان المدنيين العُزّل، قُتلوا بالسواطير والسكاكين والخناجر، ما تسبب وقتها بموجة نزوح كبيرة كانت الأولى في موجات نزوح أهالي السّخنة التي تلاحقت بعد ذلك.
سيطر تنظيم داعش على السّخنة منتصف عام 2015، ليتمّ استهدافها بقصف مُكثف من طيران النظام، ما دفع معظم أهلها للنزوح الثاني باتجاه مناطق التنظيم حينها بالرقة ودير الزور، ليبقوا هناك أو يجدوا طريقهم إلى الشمال السوري، إلى أن أطلق النظام عمليته العسكرية ضد داعش في تدمر ثم السّخنة صيف العام الماضي، لتشهد السّخنة موجة ثالثة من النزوح كان مخيم الركبان على الحدود السورية الأردنية مُبتغى الهاربين من الموت فيها، إضافة إلى المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في محافظتي الرقة ودير الزور، وقبل أن ينزحوا مع أهلها مع تقدم قواته هناك.
قبل الثورة بلغ عدد سكان مدينة السّخنة (30) ألف نسمة لا يوجد اليوم منهم فيها أحد.