شرطة البوكمال المحلية

قائد الشرطة المحلية بالبوكمال وعناصره | عدسة نوار | خاص عين المدينة

قبل سبعة أشهر، أسَّسَ المجلس المحلي لمدينة البوكمال قوةً للشرطة المحلية تختصّ بحفظ الأمن داخل هذه المدينة التي تجاوز عدد سكانها مئة ألف نسمة، أضيف إليهم أكثر من عشرة آلاف نازح.
تألفت الكتيبة الأمنية، كما يسميها أهالي البوكمال، من منشقين من سلك الشرطة الأسدية، ومن بعض عناصر الجيش الحر، إضافة إلى غيرهم من المتطوعين.
ويسعى المجلس المحلي للمدينة لتأمين احتياجات الكتيبة، رغم العوائق الكثيرة التي تعترض ذلك، والتي تتركز بشكل رئيسي حول الضعف المالي. فخلال سبعة أشهر من عمر الكتيبة تمكّن المجلس المحلي من دفع مكافآت مالية لأفرادها ثلاث مرات فقط، وبمبلغ عشرة آلاف ليرة كلّ مرة.
ويبدو أبو أحمد (50 عاماً)، وهو قائد هذه الكتيبة، مهموماً ومنشغلاً بتلبية احتياجات رفاقه، فكثيرٌ منهم يعيلون أسراً

كبيرة وليس لهم أي مورد مادي. والحد الأدنى الذي يجب تأمينه كمكافآت أو مرتبات شهرية هو عشرة آلاف ليرة لكل عنصر، مما يعني مليون ليرة شهرياً توزع على مئة شخص هم عناصر هذه الكتيبة. وهذا رقم كبير يفوق إمكانات المجلس المحلي الذي تتبع له قوة الشرطة المحلية هذه. ومن مقرٍ ضربته طائرات الأسد ثلاث مرات وأحالته إلى شبه ركام، يسرد أبو أحمد قائمة احتياجات تبدأ بإصلاح المقرّ وإعادة تأهيله، ولا تنتهي عند اللباس الموحد وأجهزة الاتصال وغيرها من المستلزمات اللوجستية الأخرى.

 

نموذج جديد لرجل الشرطة

يقول أبو أحمد: تتصدى الكتيبة لمهامٍ عدة، إذ يقوم عناصرها بتسيير دوريات على مدار (24) ساعة، وملاحقة الحالات والمخالفات الجنائية، إضافة إلى تنظيم المرور وضبط حركة السيارات في الأسواق وشوارع المدينة الرئيسية.
ويقدّر قائد الشرطة الثوري معدّل المشاكل اليومية التي تتصدى لحلها كتيبة الأمن بـ (15)، تأتي مشاكل السلاح في مقدمتها، إذ يمنع حمل السلاح داخل المدينة وسط ترحيب كبير من الأهالي بهذا الإجراء. ومن خلال الإقناع والنصح تمكن عناصر الشرطة المحلية من تخفيف هذه الظاهرة إلى حدٍ كبير. ويمنع على زوار البوكمال، وخاصة من الأرياف، حمل السلاح أيضاً، خوفاً من عمليات الانتقام التي قد تحدث عندما يتلاقى شخصان بينهما ثأر أو خصومة.
وتلاحق الكتيبة الأمنية مروّجي المخدرات، وتلقي القبض عليهم ثم تحيلهم إلى هيئة شرعية قضائية تتولى شأنهم. وتهتم الكتيبة أيضاً بجرائم التزوير، فقد أحيل عدد من مزوّري العملة إلى المحاكمة وتمت مصادرة أموالهم المزيّفة.
وفي الشارع يفخر البوكماليون أنهم استطاعوا تأسيس جهاز شرطة محلية مختصة وفعالة، نجحت في ضبط أمن المدينة بطريقة حضارية ولائقة. ويحرص عناصر الكتيبة على التعامل مع المواطنين بتهذيب واحترام. فهم، وكما يقول أبو أحمد، في خدمة الناس وليس العكس، وهم أبناء الثورة، وسلوكهم يعبر عن نتائجها ونجاحاتها. والحمد لله، يضيف أبو أحمد: نجحنا في تقديم صورةٍ جديدة أو نموذجٍ جديد لرجل الشرطة، يغاير نموذج وصورة رجل الأمن الأسدي الظالم والمرتشي والمتغطرس. نحن في الحقيقة خدمٌ للناس والمدينة والمجتمع.

 

من التجارة إلى الثورة

قبل الثورة، كان أبو أحمد يملك متجراً لأجهزة الاتصال. ومع التحاق مدينة البوكمال المبكر في مجريات الثورة، كان من أوائل المتظاهرين السلميين، واعتقل لمرتين في السنة الأولى للثورة. ففي الاعتقال الأول، أوقف أبو أحمد لمدة 45  يوماً في سجون المخابرات، ثم أطلق سراحه. وبعد فترة وجيزة اعتقل مرة ثانية لمدة ثلاثة أشهر، تعرّض خلالها لمختلف أشكال التعذيب الوحشي. وفور خروجه من السجن حمل أبو أحمد السلاح لأنه، وكما يقول: أدرك أن هذا النظام المجرم لن يزول إلا بالقوة. قاتل أبو أحمد مع فصائل الجيش الحر حتى تحرير البوكمال، ليقود بعد ذلك كتيبة الشرطة المحلية فور تأسيسها. يبدي القائد اللطيف ثقته بمستقبل الثورة ونجاحها، ويرى في سكان مدينته القدرة على إعادة بنائها بأفضل مما كانت عليه قبلاً.