ديوان الزكاة باب رزقٍ جديدٌ لداعش

سبعة ملايين دولارٍ موارد التنظيم من الزكاة في دير الزور لهذا العام

 

تقدّر الواردات التي يمكن أن يحققها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، بفرضه الزكاة خلال العام الحاليّ، بأكثر من 7 ملايين ومئتي ألف دولارٍ في محافظة دير الزور وحدها، بناءً على الحدود الدنيا المؤكّدة للكميات والأعداد وأنواع الثروات التي يفرض التنظيم على مالكيها ومشغّليها دفع الزكاة ويتناولها هذا التقرير، وباعتماد الحدود الدنيا للأسعار الرائجة محلياً، مع إهمال الأعمال التي يصعب وضع أرقامٍ أو تقديراتٍ دقيقةٍ لها.

 

أنهى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" تأسيس ما يسمّى ديوان الزكاة في محافظة دير الزور نهاية العام 2014، وأعلن عن حاجته إلى توظيف عددٍ من حاملي شهادات الاقتصاد والمعهد التجاريّ والثانوية التجارية والعامة لهذا الغرض. وخلال الشهرين الأولين من العام الحاليّ أنهى الديوان المذكور جباية معظم أموال الزكاة المستحقة لهذا الوقت من العام، على أن تتواصل هذه العملية بحسب نوع وطبيعة النشاطات التجارية والزراعية والصناعية وغير ذلك من الأعمال المشمولة بدفع الزكاة. ويفرض التنظيم على أصحاب هذه الأعمال دفع نسبة 2.5% بناءً على تقدير رأس المال الموجود في حالة المحلات التجارية المتنوّعة والمواشي، ويختلف الأمر -كما سيرد معنا- في حالة الأراضي المروية. وفي دير الزور، يمكن تحديد أهم الأعمال والمصالح التي تحقق رسوم الزكاة المفروضة عليها بما يلي:

أرباب الأموال وأصحاب المهن وأصحاب المحالّ التجارية

في مطلع العام الجاري طالب التنظيم أصحاب المحالّ التجارية بإجراء جردٍ للبضائع والموجودات داخل محالهم لتقدير رأس المال وأرباحه السنوية المتوقعة في كلٍّ من هذه المحالّ، تحت إشراف لجانٍ مسحيةٍ معيّنةٍ من الديوان تقوم بمطابقة نتائج الجرد والقيمة الفعلية لما أحصاه أرباب الأموال من بضائع ومواد. وتمّ تحديد موعدٍ لكلّ تاجرٍ لمراجعة ديوان الزكاة لدفع المبلغ المفروض عليه وفق نسبة 2.5 بالمئة على القيمة الكلية للبضائع والسلع المملوكة لكلّ صاحب عمل.

وبناءً على تقديرات تجارٍ من مدينة الميادين -رفضوا الكشف عن هوياتهم-، تتطابق إلى حدٍّ كبيرٍ مع إحصائياتٍ سابقةٍ أجرتها بعض المجالس المحلية؛ فإن عدد المحالّ التجارية العاملة في الأجزاء الخارجة عن سيطرة النظام في محافظة دير الزور يزيد عن 6000 محلٍّ، يتركز معظمها في مدينتي الميادين والبوكمال، وتنتشر البقية في المدن والبلدات الريفية الكبيرة. ويشمل هذا التقدير محلات المواد الغذائية والألبسة والأحذية والإلكترونيات والصيدليات والمواد الصحية والمنزلية وقطع الغيار المختلفة ومكاتب السيارات وسواها من المحالّ التي تتجاوز قيمة بضائع الواحد منها 4000 دولار، في حين تزداد هذه القيمة في مئات المتاجر والوكالات الكبرى. وبناءً على هذا؛ يبلغ الحدّ الأدنى لقيمة هذه البضائع 24 مليون دولارٍ –القيمة الحقيقية أعلى من هذا الرقم بكثير- ستحقق وارداتٍ لداعش بقيمة 600 ألف دولارٍ في العام الحاليّ، وفق نسبة 2.5% المفروضة.

محلات الذهب والصاغة

كما هو معروف؛ تحدّد زكاة الذهب بـ2.5% على الأوزان التي تبدأ بنصاب 100 غرام فما فوق، أو ما يعادلها من الأموال، لدى الصاغة. وبحسب صائغ ذهبٍ من مدينة الميادين يقدّر مجموع أوزان الذهب المعروضة للبيع في محلات الصاغة في محافظة دير الزور –باستثناء المنطقة الخاضعة لسيطرة النظام- بأكثر من 5 أطنان. ووفق هذا الحساب تحصل خزينة داعش على 125 كيلو غرامٍ من الذهب كزكاة. ووفق الأسعار الحالية يبلغ سعر غرام الذهب من عيار 21 قيراطاً 33.84 دولاراً، مما يعني أنّ أربعة ملايين ومئتين وثلاثين ألف دولارٍ هي وارد زكاة محلات الذهب وحدها في محافظة دير الزور. تضاف إلى ذلك المصوغات الذهبية المدّخرة لدى السكان، والتي يصعب تقديرها وتقدير درجة التزام مالكيها بتأدية الزكاة.

الإنتاج الزراعيّ

تفرض الزكاة على الأراضي الزراعية المروية بنسبة 1.5 بالمئة. وبناءً على الأرقام الرسمية لوزارة الزراعة حتى عام 2011، تتجاوز الأراضي المروية في محافظة دير الزور مساحة 150 ألف هكتارٍ تزرع بمحاصيل مختلفةٍ يأتي القمح والقطن والشوندر السكري في مقدّمتها. وكما هو معروفٌ تراجعت المساحات المزروعة نتيجة الظروف الأمنية والاقتصادية خلال السنوات الفائتة، لكن مزارعين من الريف الشرقي لدير الزور يقدّرون المساحات المزروعة في الموسم الحاليّ بأكثر من 100 ألف هكتارٍ، بعد خروج بعض المساحات عن العمل، وخاصّةً في الريف القريب لمدينة دير الزور وفي المناطق التي انهارت فيها منظومات الريّ السابقة. وللحصول على أرقامٍ تقريبيةٍ حول موارد داعش من الزكاة على المحاصيل الزراعية يمكن افتراض أن هذه الأراضي قد زرعت بالحبوب –القمح تحديداً- كمعادلٍ منطقيٍّ للمحاصيل الأخرى، وباعتبار أن الحدّ الأدنى لانتاج الهكتار الواحد هو 2 طن قمح نجد أن مداخيل داعش من الزكاة المفروضة على هذه الكميات تتجاوز 30 ألف طنٍّ من القمح وفق نسبة 1.5%، يمكن أن تحقق مورداً يفوق 750 ألف دولارٍ بحسب سعر القمح في السوق المحلية، وأكثر من ذلك إن بيع القمح في العراق. كما لم تغفل داعش الزراعة البعلية لمساحاتٍ شاسعةٍ من الأراضي في منطقتي الجزيرة والشامية -شمال وجنوب نهر الفرات- من حساباتها، إذ فرضت على مزارعي هذه الأراضي نسبة الزكاة المعروفة 2.5% من المحاصيل. وبحسب تقديرات مزارعين، تتجاوز المساحات المزروعة بعلاً لهذا الموسم 20 ألف هكتارٍ. ومع معدّلات الأمطار المرتفعة نسبياً في هذا العام، يمكن تقدير إنتاج الهكتار الواحد بحوالي طنٍّ من الحبوب في الحدّ الأدنى، مما يحقق مبلغ 125 ألف دولارٍ كوارداتٍ لداعش من المحاصيل البعلية وفق الأرقام والفرضيات السابقة.

الثروة الحيوانية

قبل الثورة، تتحدّث الأرقام الرسمية عن وجود أكثر من مليون رأس غنمٍ في المحافظة، إلا أن هذه الثروة تعرّضت لنزيفٍ كبيرٍ وبأشكالٍ مختلفة. ولدى استطلاعنا لآراء أكثر من مصدرٍ من تجّار المواشي ومربيها؛ أجمعت التقديرات على أن الأعداد المتبقية من هذه الثروة لا تقلّ عن 500 ألف رأس. وتحدّد زكاة المواشي بنسبة 2.5% (رأسٌ واحدٌ عن كلّ أربعين رأساً من الأغنام، وهو النصاب الذي تستحق الزكاة عليه) مما يحقق موارد لداعش من الأغنام بمبلغٍ يزيد عن 1.25 مليون دولار، باعتبار الحدّ الأدنى لثمن رأس الغنم الواحد الذي يبلغ 100 دولارٍ بأسعار السوق الحالية في محافظة دير الزور. أما فيما يخصّ الأبقار، فإنّ النصاب المحدّد للزكاة المفروضة عليها يبدأ مع 29 رأساً. ورغم أن الأرقام الرسمية لعام 2011 أشارت إلى أن عدد الأبقار في المحافظة يقارب الـ200 ألف رأس، لكن حيازة أحد المربين أو المزارعين لـ29 رأساً من البقر أمرٌ نادرٌ، إذ تقتني العوائل والمربّين عادة ما بين 3 إلى 5 رؤوسٍ، مما يفوّت الفرصة على داعش لتحصيل أية موارد من هذا الباب، إن التزمت بالنصاب الذي تحدّده الفتاوى الفقهية المختلفة بهذا الخصوص.

إنفاق التنظيم من أموال الزكاة

يزعم مقرّبون من داعش أن الأموال المحصّلة عن طريق الزكاة تذهب إلى مستحقيها من المحتاجين بأنواعهم المختلفة، وتجهد الدعاية التي تبثها داعش لأعمالها الخيرية على تضخيم حجم هذا الإنفاق. إلا أن الوقائع اليومية، وعلى امتداد الأراضي الخاضعة لسيطرة التنظيم، تخالف ذلك. إذ واصل معظم المحتاجين شكواهم من الفاقة وسوء الحال، في حين يقارنون سرّاً بين الأنشطة الخيرية للمجموعات والمنظمات الإغاثية التي أسّسها وأدارها الثوار وبين أنشطة داعش بهذا الخصوص. ويقول أنصار التنظيم إن قائمة مستحقي المساعدات المالية والعينية تشمل الفقراء واليتامى والأرامل وكلّ عائلةٍ فقدت معيلها، بحيث يأخذ الفرد الواحد من هذه العوائل مبلغ 10 آلاف ليرةٍ سوريةٍ كلّ شهر، مع منحهم خدماتٍ تفضيليةً مثل الحصول على أسطوانات الغاز المنزليّ بأسعارٍ منخفضةٍ نسبياً عن أسعار السوق. وباستثناء افتتاح مطعمٍ خيريٍّ يقدّم الوجبات الغذائية مجاناً للمحتاجين في مدينة الميادين –يقول أعضاء التنظيم إنه يقدّم 1500 وجبةٍ يومياً- وتوزيع سلالٍ غذائيةٍ عشوائياً وبكمياتٍ ضئيلةٍ في بعض المناطق؛ لم تسجّل أنشطةٌ لافتةٌ للتنظيم الذي وعد مندوبوه الخيريون بالكثير منها، وخاصّةً أثناء البحث عن الفقراء لتسجيلهم ومنحهم بطاقات تعريفٍ لتنظيم عملية المساعدة المفترضة.

 

النشاط القيمة التقديرية بالدولار الأمريكيّ النسبة المئوية المفروضة كزكاة المورد المتوقع بالدولار الأمريكيّ
بضائع تجارية 24 مليون 2.5 600 ألف
ذهب في محلات الصاغة (عيار 21) 169400000 2.5 4235000
محاصيل مروية 50 مليون 1.5 750 ألف
محاصيل بعلية 5 مليون 2.5 125 ألف
أغنام 50 مليون 2.5 1.5 مليون

إجمالي موارد الزكاة من الأنشطة السابقة: 7205000 مليون دولار.

لم تشمل المعلومات والأرقام السابقة العديد من المهن -كما أسلفنا- نتيجة عدم توافر الأرقام الموثوقة أو التقديرات الدقيقة عنها في الوقت الحالي. إذ تعدّ الورش الصناعية المختلفة والمخابز الأهلية ومحلات الصرافة والعيادات الطبية والمشافي الخاصّة والسيارات والآليات بأنواعها المختلفة، المشغلة لتحقيق الربح لأصحابها، من ضمن النشاطات المستهدفة في جباية الزكاة لدى داعش. لذا سنقوم بنشر مداخيل التنظيم من هذه النشاطات الهامة في تقارير لاحقةٍ، بعد التأكد من دقة الأرقام.