خريطة الإسلاميين في الثورة السورية

خـــــــلال شهر أيلول الفائت، صــــدر كتــــاب «الإسلاميون والدين والثورة في سورية»، للباحث الأردني المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، محمد أبو رمان، عن مؤسسة فريدريش إيبرت، ليجيب على الأسئلة المتصاعدة عن المشهد الإسلامي السوري الحالي وآفاق تطوّره.

هــل «خطف» الإسـلاميون الثورة؟ لا يميل المؤلف إلى الوقوع في العموميات تحت تأثير وسائل الإعلام والتقارير المجتزأة، بل يؤكّد أن المهمة الروحيّة والرمزية التي يقوم بها الإسلام في «الطبيعة الاستثنائية» لهذه المرحلة، من مواجهة الظروف الصعبة والمآسي الإنسانيّة وأخطار الموت أو الاعتقال؛ لا تعكس خياراً أيديولوجياً بالضرروة، وهي قابلة للتغيّر والتحوّل في المستقبل، تمدّداً أو تقلّصاً. وهو ما يدفع إلى التمييز بين مظاهر التديّن التي تشكل معلماً بارزاً من معالم الثورة اليوم، وبين الإسلام السياسي الذي تتبنّاه جهاتٌ محدّدة. وخاصةً بعد أخذ بعض أبعاد النظام السوري في الاعتبار، كالعلمانية الفظة والأمنيّة، والطائفية الإقصائية.
كما يميّز أبو رمان بين تيارات العمل الإسلامي، بدايةً من الإخوان المسلمين، الذين يحظى ملفّهم باهتمامٍ غربيٍّ كبير، لأنهم الحركة الأعرق والأكثر تنظيماً، ولكن مساهمتهم في الثورة تبدو متواضعة بالقياس إلى «سمعتهم التاريخية» وحجمهم السياسي في هيئات المعارضة، فضلاً عن غموض طبيعة علاقتهم بالفصائل المسلّحة.
ولعلّ التيار السلفيّ هو الأبرز الآن. فبعد طول غيابٍ عن الساحة السورية، عرف هذا التيار «طفرةً» لافتة، بدأت بالشيخ عدنان العرعور، ثم امتدّت لتشمل حركاتٍ ذات فاعلية ونشاطٍ واسعين، كحركة أحرار الشام وبعض حلفائها في الجبهة الإسلامية السورية، ولواء الإسلام وبعض حلفائه في الجبهة التي تحمل اسماً مشابهاً هو: جبهة تحرير سورية الإسلامية، وهي ذات طابعٍ مختلط في تأثره بمدارس الفكر الإسلامي، السلفية والإخوانية.
ولكن «عقدة» الثورة الآن هي في تنظيمَي السلفيّة الجهادية المرتبطين بالقاعدة؛ جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام، اللذين أدى صعودهما إلى نتائج متباينة. فإذا كانا قد عزّزا العمل العسكري ضد نظام الأسد، فقد منحاه الحجة التي يحتاجها للتشكيك في الثورة وتسويق الخوف من نتائجها في أروقة السياسة ووسائل الإعلام في الغرب. بالإضافة إلى الخشية المتنامية من الصدام المسلّح بين هذين التنظيمين وبين مكوّنات الجيش الحرّ، وهو ما تكرّر أكثر من مرة خلال الأشهر الماضية.
أما الصوفيّة، التي كانت متجذّرةً في المجتمع السوري لقرون، فقد أخذت أكثر تجمّعاتها مواقف حذرة من الثورة. بل ذهب بعض رموزها وتياراتها بعيداً في تأييد النظام، مع وجود الاستــــــثناءات بالطبـــــع.