حلب أمام أعين الثوار... والنظام يفرغ عجزه بالقصف العشوائيّ

عدسة حسين عمار | القلمون | خاص عين المدينة

كعادة جبهات الثورة السورية، تطغى إحداها إعلامياً على الأخرى بناءً على معايير التقدم على الأرض والسيطرة على نقاطٍ استراتيجية، إضافةً إلى معيار أهمية جبهات المدن الكبرى، وهو ربما ما جعل التقدم في حلب اليوم الأكثر حضوراً على الساحة السورية. خاصةً وأنه كسر نظرية استقرار المعارضة وخمولها تحت وطأة البراميل في مناطق وأحياء حلب الشرقية، مقابل اشتعال الجبهة الغربية من عاصمة الشمال، بالرغم من الثكنات والحواجز العسكرية الكبيرة هناك.
كان تقدم القوى الثورية، من خلال غرفة عمليات أهل الشام في حلب، مفاجئاً إلى حدٍّ ما، على الأقلّ للنظام، الذي لم يكن يحسب بعد حساب حصار حيّ جمعية الزهراء وبناء المخابرات الجوية، المتراس الأمنيّ العسكريّ الأكبر في حلب. إلا أن العملية العسكرية التي وصلت إلى حدود البناء، والتي ترافقت مع تقدم الثوّار في الجنوب الغربيّ في الراموسة وقطع طرق الإمداد، ثم التقدم باتجاه ثكنة هنانو داخل المدينة، جعلت الأجزاء المحتلة في حلب تحت حصارٍ جديد، وفتحت الباب أمام احتمالاتٍ جديدةٍ قد يكون أرجحها خروج قوّات النظام النهائيّ من حلب.
وأمام المستقبل المظلم لنظام بشار الأسد هناك لا تجد قواته أيّ حلٍّ إلا باستمرار الغارات الجوية والقصف بالبراميل على الأحياء المحرّرة، أو محاولة استرجاع بعض نقاط تمركزه فيها، وهو ما لم يحصل، خاصةً مع تقدّم الثوار في عدّة محاور جديدة.

جبهاتٌ أخرى لم تهدأ..

استقرّت، على ما يبدو، نتائج المعارك العنيفة في جبهة الساحل. وظهر عجز قوات الأسد عن استعادة المواقع التي فقدها أمام الثوار خلال الأسابيع الماضية، مع الأهمية الإستراتيجية الكبرى لتلك المواقع من الناحيتين العسكرية والنفسية في معادلة الصراع، اذ صارت القرداحة على مرمى صواريخ الثوار ونيرانهم.
وما نقلته الكاميرات عن أسلوب النظام في التعامل مع قضية كسب عسكرياً، يبين الحالة السيئة التي وصلت إليها قوات الأسد هناك. ولا سيما ردّات الفعل العصبية والمضطربة لآلته الاعلامية، وما يرافق ذلك من عمليات القصف العشوائية، ومن ثم الهجمات الفاشلة في تحقيق أي تقدمٍ ذي بال.
وفي دير الزور ما تزال قوات الأسد تقوم بين حين وآخر بهجمات متلاحقة في جبهة المطار العسكري شرق المدينة. وتتكبد، وفي كل مرة، خسائر كبيرةً في الأرواح والعتاد. وكذلك الحال في جبهات المدينة.

حمص نحو حصار جديد

بعد تقدم النظام على مجمل جبهات القلمون، وسيطرته على المدن الرئيسية فيها، ثم سيطرته على مناطق من ريف حمص كانت قد خضعت لحصارٍ طويل ولأكثر من عام، مثل الزارة والحصن وسواهما؛ عاد ليركز على احتلال الأجزاء الخارجة عن سيطرته في المدينة، وهو ما عجز عن تحقيقه خلال سنتين. إلا أن محاولات التقدم اليوم باتجاه حمص القديمة، التي تتعرّض لقصفٍ متواصل، تشكل بالفعل تهديداً كبيراً على المدينة التي طالما كانت هدفاً صعب المنال، ووصلت إلى مرحلةٍ باتت فيها شعاراً لصمود الثورة من جهة وكابوساً يلاحق النظام من جهة أخرى. لذا فقد جاءت دعوة الهيئات المدنية والعسكرية لإنقاذ حمص من كارثةٍ رهيبةٍ تهدّد المحاصرين هناك.

المليحة واجهة الغوطة..

يوظف النظام اليوم أجزاءً مهمةً من قواته البرية الموجودة في العاصمة ومحيطها، مع مساندةٍ جويةٍ مستمرّة، لاقتحام المليحة، التي تعتبر من أهم مداخل الغوطة الشرقية والأقرب الى مراكز عسكرية رئيسية. والأيام الماضية، التي شهدت قصفاً غير مسبوق على البلدة، لم تهيء للنظام أيّ تقدمٍ عمليٍّ يذكر. وكذلك في جبهة زملكا وجوبر وحرستا، إذ لم يمكّن القصف بأشكاله المختلفة، والذي يترافق احياناً باستخدام الغازات الكيماوية، من تحقيق تقدمٍ للنظام.. وفي الزبداني لم يختلف الأمر كثيراً، على الرغم من أن الحملة عليها أشد خطورة لمشاركة قوات حزب الله اللبناني بشكل كثيف فيها، ولكونها جزءاً من سلسلة معارك القلمون والمناطق الحدودية التي يوليها النظام الأسديّ أهميةً كبرى.