تفجيرات داعش في مناطق «الإدارة الذاتية» تكشف عجز أجهزتها وتثير غضب السكان

شهدت مدينة القامشلي منذ أيام انفجار سيارة مفخخة (فان)، أودى بحياة أربعة من السكان المدنيين، الأمر الذي أعاد إلى الأذهان سلسلة الانفجارات التي ضربت المدينة في السنة الفائتة خاصة، والسنوات التي تسبقها، وتبنّى بعضها تنظيم داعش، وأعاد كذلك الجدل الذي تلاها حول كيفية وصول المفخخات إلى تلك المناطق، التي يتوجب المرور من عشرات الحواجز للوصول إليها. كما أعاد احتجاجاً صامتاً على تواجد الهدف المفترض للتفجيرات، وهو الحواجز والمقرات الرسمية التابعة للإدارة الذاتية في المناطق المستهدفة، رغم سقوط ضحايا مدنيين في أغلبها.

مئات المظاهرات المنددة بالنظام السوري خرجت من جامع قاسملو، الواقع بالقرب من الحي الغربي على طريق عامودا، حيث وقع الانفجار. يُعدّ هذا الشارع من أكثر الشوارع حركة واكتظاظاً، ويقع فيه أهم المراكز الإدارية والعسكرية للإدارة الذاتية في شمال سورية، منذ أن سيطرت «وحدات حماية الشعب» على المدينة في العام 2012.

أعاد هذا التفجير إلى الأذهان صور تفجيرات سابقة، وأثار كثيراً من التساؤلات، فالسيارة وهي من نوع (فان) تم شراؤها من إعزاز في ريف حلب، ونُقلت إلى مدينة القامشلي عابرة العشرات من الحواجز العسكرية التابعة للإدارة الذاتية، وفوق ذلك كانت (عربة إدخال) أو كما تسمى «أوروبية»، وحاول قرار أُصدر بعد التفجير حصر المسؤولية، وامتصاص النقمة الشعبية، والتنصل في الوقت ذاته من المسؤولية، وإبعاد الشبهات. ونصّ على منع شراء السيارات في (الجزيرة) من خارج أراضيها.

بحسب نشطاء من القامشلي، بلغ عدد الانفجارات خلال العام الماضي (40) انفجاراً تقريباً، تبنّى تنظيم داعش بعضها بزعم استهدافه الإدارة الذاتية، وفي معظم هذه الانفجارات تركزت الخسائر في صفوف السكان المدنيين. في العام 2013 قضى (20) من السكان المدنيين بانفجار سيارة مفخخة قرب مركز الدفاع المدني في مدينة القامشلي، وانفجرت سيارة أخرى عند دوار قرموتي في المدينة، وقبل أيام نُفذ تفجير بنفس الطريقة في حي الهلالية.

لم تكن مبررات الإدارة الذاتية مقنعة بشكل عام، بل اتُّهمت بالإهمال، وأحياناً بافتعال بعض التفجيرات خاصة تلك التي نفذت قريباً من مكان عقد مؤتمر للمجلس الوطني الكردي، واتُّهمت بعض الشخصيات من الإدارة بالوقوف وراء هذا التفجير. ورغم  زعم الإدارة الذاتية أن الحواجز والمقرات العسكرية وغيرها ضرورية لحماية المدينة والأحياء السكنية فيها، إلا أن بعض الأصوات في أوساط السكان طالبت بإخلاء هذه المقرات، ومن دون أن تتحول إلى دعوة شعبية واسعة.

في شهر تموز من العام 2016، تبنّى تنظيم داعش تفجير شاحنة مفخخة في الحي، قضى في هذا التفجير (72) شهيداً و (143) جريحاً من المدنيين. حينذاك بدت الإدارة الذاتية وأجهزتها المختلفة،  قليلة الخبرة أمام هذه العمليات، فكانت استجابتها عموماً قاصرة وغير فعالة في الحد منها، وحتى في الحالات القليلة التي نجحت فيها بإحباط بعض الهجمات، كانت السيارات المفخخة قد دخلت إلى عمق مناطق سيطرة الإدارة، قاطعة مسافات طويلة تقع فيها عشرات الحواجز ونقاط التفتيش.

 لم تصدر أي أرقام أو إحصاءات من الإدارة الذاتية عن أعداد الضحايا في التفجيرات التي وقعت في مناطق سيطرتها، وظلت دوماً تكتفي بتوجيه الاتهامات لتنظيم داعش بالوقوف وراء هذه التفجيرات. وتقف الأجهزة العسكرية والأمنية التابعة للإدارة الذاتية صامتة، كما أنها لم تنشر نتائج التحقيقات المفترضة، ويبدو أنها لم تتوصل إلى أي شيء. ولم ينشر في معظم الحالات أي تقرير أو حتى أخبار مقنعة لكيفية وصول عربات داعش المفخخة إلى معاقل الإدارة. وما زالت الخطوات التي تتخذها الإدارة قاصرة ومحدودة وهامشية أمام هذه العمليات، فمنذ أيام صدر قرار يُلزم جميع السكان في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية، ممن اشتروا سيارات في أوقات سابقة من مناطق خارجة عن سيطرتها، بالمبادرة إلى فحص سياراتهم في مراكز محددة تتبع «الأسايش»