- الرئيسية
- مقالات
- ترجمة
المرسوم 66 وتأثيرات امتداده على مستوى البلاد
جوزيف ضاهر*
7 آذار - عن موقع Atlantic Council
ترجمة مأمون حلبي
تتواصل النقاشات الدائرة بخصوص المرسوم التشريعي السوري 66، وتوسِعته مؤخراً، وموافقة البرلمان عليه في كانون الثاني 2018، لينتظر التطبيق على بقية أنحاء البلاد.
المرسوم 66 الذي رأى النور ابتداء من أيلول 2012، يسمح للحكومة بإعادة تصميم المناطق السكنية غير المرخصة، وتضع مكانها مشاريع عقارية «حديثة» تمتاز بخدمات نوعية. التوسِعة المحتملة قد تكون لها تبعات هامة على عملية إعادة الإعمار، وتوطيد السلطة السياسية والاقتصادية للنظام عن طريق أصحاب رساميل مرتبطين به، وفي الوقت نفسه تقديم حصة من السوق للحلفاء الأجانب مكافأة لمساعدتهم.
في البداية سمح المرسوم الذي أصدره الأسد لمحافظة دمشق بطرد سكان منطقتين كبيرتين، من ضمنها بساتين الرازي في المزة، حيث مشروع مدينة (ماروتا سيتي) العقاري قيد الإنشاء. المنطقة الثانية تتضمن القنوات والبساتين وداريا والقدم، ومساحتها 880 هكتاراَ وتعادل10 % من مساحة دمشق، وحُدد عام 2018 كتاريخ لإخلائها من السكان.
ينتمي غالبية سكان هذه المناطق إلى الطبقة العاملة والوسطى الذين كانوا يعيشون قبل ذلك في مناطق ريفية، ثم هاجروا إلى المدينة. يهدف المرسوم، وفقاً للسلطات السورية، إلى تحسين ظروف السكان المعيشية عن طريق إزالة المباني المشيدة عشوائياً، وإحلال مبانٍ مريحة وحديثة مكانها. إلا أن المرسوم اختار منطقتين ساندتا المعارضة، في حين أن مناطق يسكنها أنصار النظام -شروط السكن فيها ليست أفضل حالاً- لم يتم المساس بها.
يستمد المرسوم الإلهامَ من بعض جوانب المخطط التنظيمي لمدينة دمشق عام 2007، الذي لم يُطبق بسبب الانتفاضة الشعبية في آذار 2011. كانت هذه المنطقة وما زالت تُعتبر فرصة عقارية مربحة جداً، بسبب الأراضي الزراعية والسكن العشوائي، وقربها من مركز مدينة دمشق. برامج خطة إعادة الإعمار الرامية لبناء 12 ألف وحدة سكنية تستوعب 60 ألف شخص، والمتوجهة بشكل رئيسي إلى العائلات المرتفعة الدخل في الأحياء القريبة من بساتين الرازي، هذه البرامج تمت إعادة تسميتها (ماروتا سيتي). تشتمل عملية إعادة الإعمار على مدارس ومطاعم ودور عبادة، وحتى بناء متعدد الطوابق لرَكن السيارات، ومركز للتسوق. وتقول السلطات السورية أن هذا المشروع سيخلق 110 آلاف فرصة عمل و27 ألف عمل دائم.
تطوير المشاريع السكنية التي يمكن أن تُبنى في مناطق خاضعة للمرسوم 66 سيُنفذ من قبل شركات قابضة تمتلكها المحافظات أو البلديات، لكن بناء وإدارة المشاريع سيتم على الأرجح تعهيدها إلى شركات القطاع الخاص التي يملكها مستثمرون لهم صلات قوية بأصحاب النفوذ. في حالة مشروع (ماروتا سيتي) ظهرت عدة شخصيات جديدة من رجال الأعمال لهم روابط قوية مع النظام. أهم شخصية صاعدة هو سامر فوز، الذي أصبح على مدار فترة الحرب أحد أقوى رجال الأعمال في البلاد، وكان والده مقرباً جداً من حافظ الأسد. شخصيات تجارية ومنظمات أخرى استفادت أيضاً من العقود المربحة مع شركة (دمشق الشام القابضة)، التي ستأخذ على عاتقها إدارة وتشييد واستثمار أشغال هذه المنطقة: مازن ترزي، مجموعة طَلس، شركة أكسيد للتنمية والاستثمار.
قد تكون مدينة حمص المكان التالي لاستثمارات مشابهة. تركز خطة إعادة الإعمار فيها على ثلاث من مناطق المدينة الأكثر دماراً -بابا عمر، السلطانية، جوبر- وستعيد إعمار 465 مبنى، يمكنها إيواء 75 ألف شخص بكلفة 4 مليارات دولار. وتستمد هذه الخطة الجديدة إلهامها من مشروع «حلم حمص» المنطوي، الذي أوعز به محافظ حمص السابق إياد غزال. رفضت قطاعات هامة من السكان المحليين مشروع غزال لأنه لم يضمن للسكان الحق ببقائهم في المنطقة، واقترحت بلدية حمص عوضاً عن ذلك سكناً بديلاً في منطقة أخرى أو «تعويضاً مالياً».
كثيرٌ من سكان بساتين الرازي اشتكوا من خطط إعادة الإعمار وغياب سكن بديل مناسب، واشتكى من البدائل العاجزون عن تحمل أعبائها.
إضافة إلى هذه المشكلات، تبدو عودة المدنيين إلى المناطق المتأثرة بعمليات إعادة الإعمار الحالية أكثر صعوبة، بسبب إجراءات متعددة تطلبها مؤسسات النظام الأمنية. على المرء أولاً أن يمتلك المستندات الضرورية ليتمكن من الوصول لممتلكاته المدمرة، لكن الحرب أتلفت كثيراً من السجلات العقارية. وقسمٌ كبير من النازحين فقدوا مستندات الملكية، وحتى أولئك الذين يمتلكون المستندات الضرورية غالباً ما يجدون صعوبة في الوصول إلى ممتلكاتهم، لأن عملية الدخول إلى مناطق النظام تحتاج لأذونات دخول من فروع الأمن من أجل عبور الحواجز. هذه العملية تعني الابتزاز والرشاوى واحتمال الاعتقال. أيضاً مطلوب من السكان دفع فواتير الكهرباء والمياه والهاتف عن سنوات غيابهم أثناء الحرب، وهي تعادل تقريباً 50% من قيمة ممتلكاتهم، ناهيك عن أن ناشطي وأنصار المعارضة ليسوا في وارد العودة خشية الاعتقال والتعذيب.
يمكن للمرسوم 66 أن يُستخدم كأداة فعالة من أجل مشاريع تطوير كبيرة وسريعة يستفيد منها أزلام النظام، وفي الوقت ذاته يعمل كآلية عقاب ضد السكان المعروفين بمعارضتهم للنظام، والذين من المرجح أن يحلّ محلهم طبقات اجتماعية أرفع، ونُخب حرب جديدة أقل مَيلاً للثورة ضد النظام.
* أكاديمي سويسري سوري الأصل يُدرس في جامعة لوزان