الحرُّ يتقدَّم في دمشق وريفها، ويُدْبِر في حمص، ويفتح الباب لمعركة حلب الكبرى

عدسة كرم | خاص عين المدينة

الحرّ على تخوم العباسيّين

على خلاف الخطاب اليائس حول ضعف فاعلية الجيش السوري الحرّ في محيط دمشق في الفترة الأخيرة، والتنبؤ بسقوط القابون في يد الجيش النظامي بعد حصار أسابيع، جاءت مفاجأة التقدم الواضح الذي أحرزته عدة كتائب مقاتلة في الغوطة الشرقية، فتحوّلت القابون من مرحلة الدفاع إلى الهجوم خلال ثمانٍ وأربعين ساعة، ليستطيع المقاتلون فيها التقدم نحو أتستراد العدوي.
بينما استطاعت القوات المتمركزة في جوبر ومحيطها فتح الطريق مع القابون، بمعنى فتح طريق الغوطة الشرقية مع العاصمة، وصولاً إلى تخوم ساحة العباسيين داخل المدينة.
وفي النتائج الميدانية لمختلف العمليات العسكرية في محيط شرق دمشق، نجد أن مجموعة من المناطق الاستراتيجية باتت تحت سيطرة الحرّ، من مؤسسة الكهرباء إلى معمل كراش ومحيط كراجات العباسيين وعدة منشأت تعليمية وأبنية أخرى، إضافة إلى أجزاء من معمل الحلويات. وباتت المعركة الأساسية حول رحبة الدبابات بالقابون، والتي ينبئ تحريرها بتقدم الحرّ نحو ساحة العباسيين والأحياء المجاورة (التجارة، جورج خوري، الغساني)، التي توجّست أصلاً بحدوث ذلك، ونزح الكثير من سكانها. بينما يبدو تقدّم الحرّ في جبهات المرج وطريق المطار بطيئاً لم يسجل فيه حدثٌ هام، باستثناء السيطرة على المطاحن على أتستراد المطار، والتي تعتبر منطقة استراتيجية تطلّ على الكثير من مراكز القوات النظامية في الجبهة الأشد عنفاً بمحيط العاصمة.
وفي الريف الغربي، لم تفلح الأرتال العسكرية اليومية المتجهة نحو داريا باستعادة السيطرة على شبرٍ جديدٍ من المدينة ومحيطها. بل إن التقدم الذي حققه الحرّ شرق المدينة، بسيطرته على عشرات الأبنية التي تمركزت فيها قوات النظام سابقاً، تم الحفاظ عليه، رغم كل محاولات استعادة السيطرة.

 

الخالديّة في يد النظام

كان فقدان حي الخالديّة في مدينة حمص المحاصرة منذ أشهر طويلة، بمثابة انكسارٍ نوعيٍ لجبهة حمص، على اعتبار أن هذا الحي يشغل مساحة كبيرة مطلةً على مختلف أحياء حمص، وستفتح السيطرة عليه الباب لحصارٍ جديدٍ على تلك الأحياء من جهة، وخلق نقاط تمركز جديدة في الحي بمجرد انتهاء الاشتباكات حوله، من جهة أخرى. إلا أن مقاتلي الحرّ ما زالوا عملياً على جبهات الحيّ يحاولون الوصول إلى مسجد خالد بن الوليد، الذي يشكل نقطة مركزية فيه، والذي أعلن النظام انتصاره بمجرد بث قناة المنار، التابعة لميليشيا حزب الله اللبناني، تقريرها من داخله.

 

جبهات حلب المفتوحة

لم يعد معبر بستان القصر هو الحدث الأهم على الصعيد الحلبي. فالمعبر، الذي كان يشكل نقطة الإمداد الأساسية للمدنيين القاطنين في الأحياء الواقعة تحت سيطرة النظام، بات اليوم جبهة قتالية جديدة، ويقتصر دوره الإمدادي الإغاثي على ساعاتٍ ثلاثٍ يومياً قبل موعد الإفطار الرمضاني، بينما تفتح جبهة القتال خارج هذا التوقيت لتحقيق مكاسب جديدة عل الأرض في جبهة مركز المدينة.
واختلفت مجمل المعادلات العسكرية في حلب وريفها بعد سيطرة الحرّ على قرية خان العسل، التي كانت تعتبر الثقل الجغرافي الأهمّ للنظام في الريف الحلبي، وصمام أمان المناطق الواقعة تحت سيطرته في المدينة. فالمعركة، التي فقد فيها النظام المئات من عناصره، فتحت الباب أمام مواقع جديدة، وأجبرت النظام على دفع تحصيناته خلفاً نحو حيّ الحمدانية وأكاديمية الهندسة العسكرية، ونبّهته إلى الحالة الخلافية في جيشه، التي أنتجت فقدان منطقة بأكملها.
ومن جانب آخر، تبدو المعركة الأكثر حساسيّةً اليوم هي معركة الليرمون وفرع المخابرات الجوية والسيطرة على طريق ريف حلب الشمالي. ففتح هذه الجبهة على مصراعيها سيؤدي إلى تشتيت قوات النظام في عاصمة الشمال.
وفي حال انتصار الحر فيها، فمن المرجّح احتمال تحرير المدينة بشكل كامل في الفترة القادمة، والتوجه نحو المطار الدولي وباقي مناطق الريف.