الإبراهيمي يحذّر وأمريكا تشمئزّ وروسيا تجهّز الأرضيّة: الأسد لولايةٍ ثالثة... انفجارٌ سياســيٌّ جديدٌ يعقّد القضية أمام المجتمع الـدوليّ

ترافق تفاؤل المبعوث الدوليّ إلى سوريا، الأخضر الإبراهيميّ، بعقد جولةٍ ثالثةٍ من مؤتمر جنيف، مع تحذيراتٍ وجّهها إلى النظام السوريّ مفادها أن ترشيح بشار الأسد للانتخابات الرئاسيّة القادمة هو بمثابة انفجارٍ سياسيٍّ يزيد الموقف تعقيداً. وهو أيضاً ما اعتبرته القيادة الأمريكية أمراً مثيراً للاشمئزاز، على لسان مساعدة المتحدثة باسم خارجيتها ماري هارف، التي قالت إن الأسد فقد كل شرعيةٍ لقيادة شعبه، وإن أية انتخاباتٍ قد يرشح الأسد نفسه فيها ستكون مهينة، بعد كل الممارسات بحقّ الشعب السوريّ خلال الأشهر الأخيرة. بينما اكتفى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بالقول إن ترشح الأسد من شأنه أن يعقد عملية جنيف.
وأمام هذه الانتقادات الدولية يأتي الردّ الرسميّ السوريّ على لسان وزير إعلام النظام عمران الزعبي، الذي قال إن إجراء الانتخابات شأنٌ تقرره السلطات السورية، ولا يستطيع أحدٌ أن يعطّل "الاستحــــقاقات الدستـــــورية" في سورية. كما ردّ الزعبي على تحذيرات الإبراهيمي بالقول إن على الأخير الالتزام بمهمته ودوره، ولا يحقّ له ولا لغيره التدخل في الشأن الوطنيّ السوريّ. وهذا مرفوضٌ جملةً وتفصيلاً.
وفي الداخل السوريّ يبدو أن ترشيح الأسد بات أمراً واقعاً، بعد أن أقرّ "مجلس الشعب" البنود المتعلقة بشروط الترشح، والتي وصفت بأنها مفصلةٌ على "قياس الأسد"، وتستبعد أيّ صوتٍ معارضٍ أو أيّة شخصيةٍ أخرى قد تنتوي الترشح، كونها تفرض على المرشح أن يكون قد أقام في سوريا لمدةٍ متواصلةٍ خلال الأعوام العشرة الماضية.
ويحشد النظام السوري حالياً، وبشــــــكلٍ يومـــــيّ، مؤيديه في ســـــاحات المدن التي ما زال يسيطر عليها، لترفع اللافتات مطالبة رأس النــــظام بالترشح لولايــــةٍ جديدة، بينما يتجه الإعلام لتصوير ما يحدث على أنه ضغطٌ شعبيٌّ من واجب القيادة الاستجابة له والترشح مرةً أخرى.
ولم يكفّ الجمهور المؤيّد عن انتقاد راهبات معلولا اللاتي تم الإفراج عنهنّ ضــــمن صفقة التبــــادل، وذلك بعد شكرهنّ لجبهة النصـــرة لموقفها، مؤكداتٍ أنهنّ لم يتعرضـــن للأذى خلال فترة اختطافهن، مما زاد من غضب الموالين للنظام ودفعهم إلى انتقاد قنواته التلفزيونية التي نقلت وقائع الإفراج، إضافةً إلى القيام بحملات تخوينٍ للراهبات تصــــفهنّ بالارتباط بفصائل المعارضة وبشخــــصياتٍ لبنانـــيةٍ عدوّةٍ للنظام السوري... ولا يتوقف انتقاد مؤيدي النظام عند هذا الحدّ بل يصل كعادته إلى رسم صورٍ خياليةٍ ورواياتٍ كوميديةٍ يتم تناقلها على صفحات الفيس بوك المؤيدة.
ولا ينطلـــــــق موقــــف هـــــــؤلاء المؤيدين من تصريح الراهبات فحسب، وإنما من انتقادهم لسلوك نظاــــمهم الــــذي فضّـــــل الراهبات على أبنائــــهم المعتقلين لدى الجيـــش الحرّ وكتائب المعارضة الأخرى. فــيكتب أحد المؤيدين من الساحل السوريّ: "على ما يبدو فإن حزب الله والإيرانيين هم أهم من أبنائنا لدى النظام".
الحــــليــف الروســــيّ... لا تلهـــــــيه أوكرانيا عن إصراره على الأســـد وأمـام موقفٍ دوليٍّ يكتـفي باستهجان ترشح الأسد، بوصفه معطلاً لمجريات التجهيـــز لمؤتمر جنيف3، يبقى الحليف الروسيّ، المسؤول بحسب مراقبين عن فشل مفاوضات جنيف2، المؤيّد الأكثر قوةً لترشيح الأسد لولايةٍ جديدة، دون أن تكون سخونة القضية الأوكرانية قد ألهته عن مصالحه في ما هو أبعد عن حدود دولته.
ولا يختلف الفيتو الروسي الآن بشأن أوكرانيا عن فيتو استخدم سابقاً أكثر من مرّةٍ في مجلس الأمن، تعطيلاً لأية مبادرة حلٍّ في سوريا. فروســــــيا، التي تجهّز لاستفتاء شبه جزيرة القرم للانضمام إليها، منفصلةً عن أوكرانيا التي أسقطت ثورتها الدكتاتورية المرتبطة بالكرملين؛ ما زالت تتمسك بنظام الأسد "سفيرها في الشرق"، في ظلّ تردّدٍ أوروبيٍّ وأمريكيٍّ يقتصر على وصف التصرفات الروسية بالتجاوز السياسيّ في القارة العجوز. إذ لم يتجاوز سقف التصريحات الأمريكية بشأن التدخــــل الروســــيّ في أوكرانيا الشجب ووصف التدخل بأنه خلقٌ لمشكلاتٍ جديدةٍ خطرة.