أمان السوريين مستبعدٌ في خطة ترامب لإنشاء مناطق آمنة

ليزي بورتر
موقع
News Deeply
9 شباط
ترجمة مأمون حلبي

ثمة أسئلةٌ هامةٌ عديدةٌ حول السياسة المحتملة للرئيس ترامب بخصوص إنشاء مناطق آمنةٍ في سوريا، لكن أي خطة، مهما كانت، ستغيّر ديناميات النزاع وتخاطر بخلق انقساماتٍ أعمق في المشهد السياسيّ والاجتماعيّ في البلاد.

عندما أيّدت هيلاري كلينتون إنشاء منطقة حظر طيرانٍ ومناطق آمنةٍ كجزءٍ من سياستها في خصوص سوريا ردّ ترامب، المرشح الرئاسيّ وقتذاك، أن استراتيجيتها «ستوصل العالم إلى الحرب العالمية الثالثة». لكنه قال مؤخراً إنه «سيُنشئ مناطق آمنةً في سوريا للناس»، وهو ما أثار أسئلةً هامةً حول الطريقة التي ستختلف بها خططه عن الاقتراحات السابقة. لقد تمّ تضمين المناطق الآمنة في مسودة الأمر التنفيذيّ الشهر الماضي «حماية الأمة من الهجمات الإرهابية للقوميين الأجانب»، هذه المسودة التي حدّدت أيضاً الخطوط العامة لتعليق برنامج إعادة توطين اللاجئين السوريين في أميركا. ونصّت أن لدى وزراء خارجية ودفاع الولايات المتحدة تسعين يوماً لإنتاج «خطة تقديم مناطق آمنة في سوريا والمنطقة المحيطة بها».

إن مقابلة السياستين مع بعضهما تُبيّن أن خطة المناطق الآمنة الآن تهدف إلى إبقاء اللاجئين خارج أميركا أكثر من حمايتهم من العنف. وبالرغم من إسقاط مقترح المنطقة الآمنة من الشكل النهائيّ للأمر التنفيذيّ، المُوقّع في 27 كانون الثاني، يقول المحللون إنه ما يزال يُمثّل جائزة ترضيةٍ لسياسات تقييد تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة. في 29 كانون الثاني ناقش ترامب فكرة المناطق الآمنة مع الملك سلمان. وقد اتفق القائدان، وفق تصريح البيت الأبيض، على «دعم فكرة المناطق الآمنة، إضافةً إلى دعم أفكارٍ أخرى تساعد اللاجئين المُهجّرين نتيجة النزاعات الجارية».

ثمة أسئلةٌ هامةٌ ما تزال مطروحةً في خصوص خطة ترامب، من بينها مكان إقامة المنطقة الآمنة ومصادر تمويلها والجهة الكفيلة برعايتها وحمايتها وكيفية نقل السوريين إليها. وإضافة إلى الترتيبات اللوجستية، ما زال من غير الواضح إن كانت الخطة تهدف إلى إقامة ملاذٍ إنسانيٍّ بحتٍ أو إن كانت جزءاً استراتيجياً من محاولةٍ لإنهاء النزاع السوريّ.

السياسة محكومةٌ بالجغرافيا

المكان الأكثر احتمالاً لأيّ منطقةٍ آمنةٍ هو شمال سوريا، في أراضٍ تقع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية. قد يخلق هذا الأمر توتراً مع تركيا، التي كانت تدعم فكرة المنطقة الآمنة في شمال سوريا منذ وقتٍ طويل، غير أن زيادة تعاون أميركا مع القوات الكردية لتنفيذ الفكرة من المرجّح أن يثير غضب الأتراك. وإن قرّرت أميركا أن تكون المنطقة الآمنة في المنطقة التي حرّرتها قوات عملية درع الفرات، وكانت المنطقة محميّةً إنسانيةً حصراً؛ فمن المحتمل أن يبتسم الأسد وحلفاؤه لهذه السياسة لأنها ستكون دعماً إضافياً لاستراتيجيتهم في «إخلاء السكان المُعادين -السُنّة بغالبيتهم- إلى أن يتناقصوا إلى مستوىً يمكن التحكّم فيه وضبطه، وبعدها جلب سكانٍ موالين، عادةً من الميليشيات الشيعية مع أسرهم، لتغيير النسيج السكانيّ بشكلٍ أكبر»، وفقاً لـ كايل أورتون، وهو زميلٌ باحثٌ في جمعية هنري جاكسون. من ناحيةٍ أخرى، التصرّف بدون موافقة دمشق وحلفائها سيزيد من خطر المواجهة العسكرية بين أميركا وروسيا. في هذه الحالة سيكون أمراً أساسياً حماية أيّ ملاذٍ آمن، ما يعني إحضار طيرانٍ يستطيع إسقاط الطائرات الروسية أو السورية التي تخترق المنطقة، وسيحتاج الأمر إلى مزيدٍ من الجنود الأميركيين أو المدعومين أميركياً لحماية الحدود البريّة. تتراوح التقديرات السابقة لعدد الجنود بين 15 و30 ألفاً، مع تكاليف إجماليةٍ تصل إلى مليار دولارٍ شهرياً.

إعمار المناطق الآمنة سكانياً

كيفما تطورت الخطة، فإن المناطق الآمنة ذات التطبيق الأميركيّ تزيد من مخاطر وضع حدودٍ للجغرافيا السياسية والاجتماعية لسوريا. التوترات بين المجموعات العرقية والدينية والاجتماعية قد تحدّ من إمكانية الوصول إلى المحميّة المفترضة. فالسوريون الأكراد قد يخافون من إجبارهم على العيش في أراضٍ يسيطر عليها الأتراك والسوريون العرب خشية سوء المعاملة، والسوريون العرب قد يخشون نقلهم إلى مناطق كرديةٍ لذات السبب. يقول أورتون: «السكان المهددون هربوا إلى مناطق «الدولة الإسلامية» من قبل -مثلاً، حول الشدادي- عوضاً عن أن يقعوا تحت حكم القوات الكردية».

يقول سامر دعبول، وهو ناشطٌ إعلاميٌّ في محافظة إدلب: «ستعطينا المناطق الآمنة الفرصة لنعيش دون طائراتٍ فوقنا. لكنّ النقطة المهمة -والخوف الأكبر- هو إذا كان ذلك هو بداية الانقسامات. لسنا مع حلولٍ مؤقتة. نحتاج إلى معالجة السبب الرئيسيّ للمشكلة، ويكون هذا بتخليص الشعب من بشار الأسد».