يلحظ المرء، خلال السنة الأخيرة، ظهور عددٍ كبيرٍ من الصفحات والمجموعات والمناسبات على موقع الفايسبوك، تراجع مسيرة الثورة ورموزها بطريقةٍ ساخرةٍ مفتوحةٍ للمشاركة أمام الجميع. ولكن مجموعة «شو أبيخ جملة سمعتها بالأزمة..» تأتي من الطرف المقابل، فقد أسّسها شبانٌ علويون موالون للنظام، من حمص أساساً، وتبادلوا فيها مراجعاتهم وخيباتهم الساخرة.
ورغم أن قدراً قليلاً من شعارات الثورة ومألوفات خطابها الإعلاميّ يرِد في هذه المجموعة، بوصفه «أبيخ الجُمل»، إلا أن تركيز أعضائها الأساسيّ على المقولات التي رفعها النظام وتداولها إعلاميوه وموالوه.
وباسـتعراض منشـورات أعضـاء المجموعة، ودرجة تكرارها أو حيازتها على عددٍ لافتٍ من الإعجابات، يمكن تقسيم المحاور الرئيسية للموضوعات التي تمّ تناولها إلى ما يلي:
-1 السخرية من شعارات النظام: وأبرزها الشعار الشهير «خلصت»، الذي كان يبشّر الموالين بأن انتهاء «الأزمة» صار قاب قوسين.
-2 السخرية من رموز الحكم: وتجري الإشارة إلى بشار الأسد تلميحاً، عند الهزء بشعار «سورية عيونا خضرة»، الذي يماهي بين نجمتي العلم وعيني القائد «الديمقراطيّ زيادة عن اللزوم، مع هيك شعب بدّه دعس». وكذلك السخرية من جملة: «هوّه كويس وما بيعرف، بس الحواليه كلاب ما بوصلولو شي». بينما يتمّ تناول شقيقه ماهر، الذي كانت الآمال تعقد عليه في البداية، بسخريةٍ صريحة. ولا سيما من الجملة التي اشتهرت بأنه لم يرتدِ البدلة العسكرية بعد، في إشارةٍ إلى الاستخفاف بما يجري وعدم الاحتياج إلى حشد كلّ القوّة. فيقول منشورٌ حاز عدداً ملحوظاً من الإعجابات: «المعلم ماهر اساتو بالبيجاما... ااااه يا .... أنت! تحليلاتك ترعبهم يا ملك الأديداس». كما يبرز منشور «رجل الأعمال السوري رامي مخلوف يتنازل عن ثروته للشعب».
-3 السخرية من الخطاب الإعلاميّ للنظام: وهي سخريةٌ ثأرية، تقتصّ مما وقع المؤيدون تحت تأثيره من خداع، ولذلك فهي الأكثر تكراراً في الصفحة. ولا تكاد تغادر وهماً من التي أشاعها إعلام النظام، والتي بحّ صوت ناشطي الثورة في إنكارها، إلا وتذكره. مثل «الحياة طبيعية«، والمتظاهرون مجرّد «تجمعاتٍ محدودةٍ انفضت من تلقاء نفسها»، و«بمظاهرات الميدان قال الإعلام السوري: أهالي الميدان ينزلون للشوارع ليشكروا الله على نعمه المطر!!!!!!!»، و«عم يعملو مجسّمات لساحة الامويين وساحة العباسيين بالدوحة بقطر.. ورح يجيبو هنود يتظاهرو فيها مشان يصورو فيلم انو سقطت دمشق ويخدعونا». كما تتمّ السخرية من البرامج التي خصّصتها قنوات النظام لتسويق دعايته، كبرنامج «الغربال لكشف التضليل الإعلامي»، وضيوفه الشهيرين الذين طالما باعوا جمهور النظام الوهم؛ كناصر قنديل «بعد 200 يوم و15 ساعة و10 دقايق وخمسين ثانية بتخلص الأزمة. وأنا مسؤول عن كلامي»، وعلي الشعيبي «في هذه الفلاشة 3 دقائق و20 ثانية تفضح فيها عرعور اللوطي»، وحيدر رزوق، مراسل إذاعة شام إف إم في حمص: «حمص ستعلن محافظة خالية من الإرهاب خلال 72 ساعة«، وشادي حلوة، مراسل التلفزيون السوريّ في حلب.
كما تجري السخرية من فبركات النظام نفسه؛ «بيصير التفجير يوم الجمعة وبصيروا يطالعوا عالإعلام: الله لا يوفئون طلاب رايحين على مدراسون (طبعاً ما في مدراس) وبشلحولون سطل لبن وكم صندويشة فلافل عل الجوانب مشان يحمسوا الشعب أكتر»، ومن «بين كل 5 مواطنين في 9 منهن عكميرا الإخبارية بيقولوا جملة :أنو ما بعرف! هي الحريّة يللي بدهن ياها؟»، أو «هي الحرية اللي بدن ياها.. هي حريتو لحمد!»، أو «بس بدي أفهم شو هي الحرية يلي بدن ياها؟ الحرية أنو يقتلو ويخطفو يعني؟ الحرية أنن يخربو هالبلد؟ لك الله لا يوفقن والله كنا كل جمعة نطلع سيارين وما كان في أحلى من هالبلد بس خربوه هالكلاب [مقابلة لتلفزيون الدنيا مع واحد شامي]».
-4 السخرية من إنشاء السلطة: ولا سيما ادّعاء خلوّ «الفسيفساء السورية» من التمييز الطائفيّ، فـ«أنا كل رفقاتي كانوا من غير طائفتي. بحياتنا ما كنا نفرّق»، و«والله يا خالتي جاري صرلو 30 سنة حيطي ع حيطو ما بعرف طائفتو. رفيقي ضليت عشر سنين عم ندرس أنا وياه وقاعدين بنفس الدرج وما بعرف دينو». أما من يقوم بالقتل والتفجير فـ«هدول مو سوريين.. السوري ما بيعمل هيك»، و«لولا وعي الشعب السوري وصموده كان راح البلد». بينما يسأل «المحلّل السياسي والاستراتيجي» مضيفته الإعلامية: «بس قليلي مين الجيش سيدتي؟ أخي وأخوكي، ابن عمي وابن عمك، جارك وجاري، ابني وابنك»!
-5 السخرية من المعلومات «الخاصّة»: باعتبار أن البيئة التي تتحرّك المجموعة في فضائها الذهنيّ والاجتمــــاعيّ هي أوساط العلويين، ولهؤلاء قراباتٌ وصِلاتٌ دائمةٌ مع بعضٍ من مقاتلي النظام «قرايبي بالأمن العسكري»، فقد صارت هذه البيئة مرتعاً خصباً للشائعات التي يدّعي قائلها حصوله على المعلومات بشكلٍّ خاصٍّ من أحد هذه المصادر. وغالباً ما تهدف هذه السرديات إلى بثّ التفاؤل؛ «باقي بداريا بنائين، بس الجيش تاركن للأخير. فيهن روس كبار»، أو «لسا ما استخدمو 3 بالمية من قوة الجيش، والأسلحة الكبيرة والجديدة لسا ما استخدموها»، فـ«الدولة عرفانة شو عم تشتغل»، أو حتى «في تسريح أول الشهر». وقد تهدف إلى تفسير غموضٍ ما؛ فـ«هي المنطقة فيها ضباط إسرائيلية وسعودية، والدولة بدا ياهن عايشين، لهيك ما عم تقصفن». وداعش «شغل الدولة، وقياداتا مساعدين أوائل بالجوية»، «كلون علوية. ما شفت ما بيقاتلو جيشنا وبيصيرو يساعدوه»، «هلكت جبهة النصرة».