مصير طاغية الشام على الخطّ الساخن بين الأمريكان والروس

مصير طاغية الشام على الخطّ الساخن بين الأمريكان والروس

الائتلاف يصمّم على نسف النظام.. والأسد يواصل انبطاحه الكيماوي

يواصل الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي استفزازه للسوريين وللمعارضة السياسية، بعد قيامه بجملةٍ من التحركات والتصريحات التي تلمّع بشار الأسد وتجعل منه شريكاً (متعاوناً) و(مهماً) في مفاوضات مؤتمر جنيف2، الذي تخيّم الأجواء الضبابية على حقيقة انعقاده. ففي ختام زيارته لدمشق، رفض الإبراهيمي تكهناتٍ بإرجاء جنيف2 حتى العام المقبل، لكنه ألقى بظلالٍ من الشكّ حول المؤتمر برمته، قائلاً إنه لن يُعقد إذا لم تشارك فيه المعارضة السورية. وواجه الإبراهيمي احتجاجاتٍ شديدة اللهجة من قبل بعض أعضاء الائتلاف حول تصريحاته "المنحازة" للأسد، وقالت المعارضة إنه "تجاوز حدود المسؤولية التي أنيطت به"، ورأى عضو المجلس الوطني السوري والائتلاف المعارض هشام مروة في تصريحات الإبراهيمي ابتعاداً عن الحياد "لأنه حين يمدح طرفاً ما فإنه يسيء إلى الطرف الثاني". ولفت إلى أن هذه التصريحات "استكمالٌ للمكافآت التي تقدّم للنظام السوري بعد تسليمه السلاح الكيماوي"، كما طالب المجلس الوطني السوري المعارض جامعة الدول العربية بإعفائه من مهمته على خلفية "إصراره" على إشراك إيران في المؤتمر.
ويرفض الائتلاف السوري المعارض المشاركة في جنيف2، ما لم يتلقَّ تأكيداتٍ حول نتائجه التي يجب أن تتضمّن إنهاء حكم بشار الأسد وتسليم السلطة إلى حكومة انتقالية. في حين لم تتمكن القوى الكردية المعارضة في سوريا من توحيد موقفها بشأن المشاركة في المؤتمر، إذ يستعدّ حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي» (بي واي دي)، الموالي لحزب العمال الكردستاني، للمشاركة في المؤتمر في إطار وفد «هيئة التنسيق الوطنية» التي ينضوي تحت لوائها، فيما يؤكد «المجلس الوطني الكردي» التزامه بالقرار الذي سيتخذه «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية»، باعتباره جزءاً منه.
وما تزال روسيا تساند "طاغية الشام" في لعبة شدّ الحبل مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي بدأت مواقفها المناهضة لبقاء بشار الأسد في السلطة تتضاءل وتتقلّص، لحساب أفراحها الديبلوماسية تجاه تطبيق الأسد نزع سلاحه الكيماوي بشكلٍ "جديّ ومذهل". وكان رئيس الوزراء الروسي، ديمتري ميدفيديف، ألمح إلى إمكان إيجاد صيغة "تطمئن" الأسد إلى أنه لن يواجه مصيراً مماثلاً لما حلّ بالرئيس المصري السابق حسني مبارك أو العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، في حين واصلت واشنطن تجاهلها لحتمية تنحي الأسد لإنجاح مؤتمر جنيف2، وللوعود التي قطعتها بتزويد الثوار بأسلحةٍ نوعيّة.
في هذا الإطار، عادت واشنطن للظهور إلى الواجهة، بعد انشغالها بنزع الكيماوي، لتبحث مع الروس موضوع خلافة بشار الأسد في الحكومة السورية الجديدة. فمنذ أيامٍ عرض السفير الأميركي لدى سوريا، روبرت فورد، في جلسة استماعٍ ساخنةٍ أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، استراتيجية الإدارة، مؤكّداً أن التركيز هو على العمل باتجاه جنيف2، وأن روسيا والولايات المتحدة «تبحثان بمن سيحلّ مكان الأسد في الحكومة السورية الجديدة»، وأن هذا الملفّ سيكون حاضراً في مفاوضات جنيف2. ولكن انتقادات الكونغرس ما زالت تمارس ضغوطاً على باراك أوباما، فقد وصف السناتور جون ماكين سياسة أوباما حيال سورية بأنها "صفحة عارٍ في التاريخ الأميركي"، واعتبر أن ما من أحدٍ في المعارضة التي تقاتل على الأرض «سيقبل بحلٍّ يُبقي الأسد» في الحكم.
ومع ظهور خلافاتٍ بين واشنطن وموسكو على تمثيل المعارضة، وهي نقطة اشتدّ الخلاف عليها أيضاً في اجتماع مجموعة "أصدقاء الشعب السوري" في لندن الشهــر الماضي، بين الدول الغربية والعربيّة المعارضة للأسد، خلص المجتمعون إلى أن محادثات جنيف يجب أن تكون بين وفدٍ واحدٍ للنظام السوري، ووفدٍ واحدٍ للمعارضة ينبغي أن تكون القيادة فيه للائتلاف الوطني، باعتباره الممثل الشرعي للشعب السوري. إلا أن روسيا تعود لتقف عائقاً باعتبارها الائتلاف مجرّد جزءٍ من المعارضة، ولذا اقترحت أن تمثل المعارضة بوفودٍ عدّة، بمن في ذلك شخصياتٌ مقيمةٌ في دمشق تقبل بها الحكومة.

 

لعبة الكيماوي

ويراوغ نظام الأسد في ملفه الكيماوي، إذ أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية أن "الوضع الأمني الصعب في سوريا منع مفتشي المنظمة من زيارة اثنين من المواقع". وكانت المنظمة أعلنت أن النظام السوري قدّم تقريراً أولياً حول تدمير ترسانته الكيميائية، حسب الموعد المتفق عليه، وقال إن كافة منشآت إنتاج الأسلحة الكيماوية في سوريا أصبحت غير قابلة للاستعمال قبل المهلة المحددة في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر.