مشغل الميادين... محاولة أهلية ناجحة تكشف تقصير جهات الإغاثة

 مشغل الميادين | خاص عين المدينة

nayef

استطاع لؤي النايف (45 عاماً)، من أهالي مدينة الميادين، أن يخرج بمشروعه المتميز عن مألوف الأعمال الإغاثية، ومكّن 30 امرأة، يعملن في ورشة الخياطة الخيرية التي افتتحها، من أن يصرن عاملات منتجات، يعلن أسرهن وأطفالهن بعد أن كنّ في عداد مستحقي العون. ومن جيبه الخاص، وبالتعاون مع جمعية الفجر الخيرية، اشترى النايف آلات خياطة وتطريز، مستفيداً من خبراته السابقة في هذا المجال، وفتح باب العمل للنساء المحتاجات من ذوي الشهداء، كما عمل على تدريب غير المؤهلات منهن ليتاح لهن العمل في مشغله.

يقول لؤي: في بداية الشهر الثالث من هذا العام بدأنا العمل في هذا المشغل. وهو مشغل للخياطة والتريكو والتطريز. جاء مشروعنا هذا استجابة للظروف الصعبة التي تعيشها مدينتنا. والهدف الرئيسي له هو إعالة أسر الشهداء والمعتقلين.
ويضيف لؤي: البعض من السيدات لا تسمح لهن ظروفهن بالعمل اليومي في المشغل، لذلك نحاول أن نؤمّن لهن آلات الخياطة في البيوت. وقد استطعنا تأمين خمس ماكينات لخمس سيدات ينجزن أعمالهن في منازلهن. وكذلك استطعنا تشغيل 15عائلة في أعمال الخرز اليدوية. تواجه ورشة الخياطة هذه مصاعب عدة، يأتي في مقدمتها ارتفاع أسعار المواد الأولية وصعوبة الحصول عليها، إضافة الى مخاطر الشحن واحتمال تعرض البضائع القادمة إلى المحافظة للمصادرة من قبل الحواجز الأمنية.
نجح رجل الخير والتنمية هذا في تطبيق المثل المعروف "لا تعطني سمكة، بل علمني كيف أصطاد". ونجح أيضاً في تصريف منتجات ورشته وفي سوق الميادين الذي يعاني أصلاً من شح البضائع.
ويبدو لؤي طموحاً في مستقبل مشروعه، وحالماً بمشاريع كبرى تقدم عليها فعاليات أو جهات أخرى، وفق المبدأ الخيري التنموي ذاته، فافتتاح مشروع إنتاجي خيري بمليون ليرة، كما يقول، أفضل من توزيع سلال عذائية بهذا المبلغ، مع أهمية هذا الجانب في حالات الحاجة المباشرة.
ويلخص الرجل الفوائد التي حققها بتشغيل النساء أولاً، ثم تأمين البضائع للسوق المحلي بأسعار رخيصة ثانياً، وأخيراً إعادة توزيع الأرباح أو إنفاقها على الفقراء والمحتاجين، وهكذا تظهر المنفعة من جميع عناصر دورة الاقتصاد الصغيرة تلك.
لاقت فكرة لؤي الخيرية استحساناً عاماً من الأهالي والجمعيات الخيرية في الميادين، حيث يبدي الجميع إعجابهم بهذا المشروع. ولكنه يشكو من الإهمال الذي تبديه المنظمات والهيئات العليا للثورة بمشروعه، فلم يسأله أحد عن احتياجاته، ولم تقدم له أي من هذه الهيئات المساعدة. ففي مكان آخر، في أروقة المكاتب وأدراج المؤسسات المعنية، تتراكم عشرات المشاريع الصغيرة المشابهة، دون أن يعنى بها أحد عناية جادة. يتشدق موظفو المنظمات الإغاثية الكبرى بهذه الأفكار السهلة والعملية والواضحة، ويتفاخرون بنيّتهم أو رعايتهم النظرية لهذه المشاريع، من دون أي تطبيق عملي ناجح على الأرض. ويشابه هؤلاء، في طرائق عرضهم لنجاحات مشاريعهم الافتراضية من وراء الطاولات في مكاتب الخارج الفخمة، طرائق المدراء  البعثيين في شرحهم لإنتاجية ونجاح مؤسساتهم في دولة آل الأسد. وبدون اتهامات بالفساد لأحد، ودون تشكيك بالنوايا، يشكل شبان الخارج الإغاثيون عائقاً جدياً أمام توسيع هذا النشاط الاقتصادي والخيري البنّاء، بحماسهم الشكلي لها، وعجزهم عن التطبيق الواقعي، بسبب قلة خبراتهم أو إمكاناتهم من جهة، أو خضوعهم للجهات الداعمة من جهة أخرى. لم يهتم لؤي، أو غيره من رجال الإغاثة والخير الحقيقيين في الداخل، بكل هذا. ولا يظهرون مبالاة تجاه الشائعات الكثيرة حول الفساد وسوء الإدارة والتدبير، التي تضرب بمفاصل تلك الهيئات وطرائق عملها.