"مستر روبيرتو: أنت شخص غير مرغوب به في مطعمي، وعليك أن تغادر فوراً"
هكـذا طــردت مــــجد نيازي، صاحبة مطعم أوكســجين في حيّ باب توما الدمشقيّ، الســفير الأمريكيّ في دمشق في العام 2005. وهكذا ابتسم الحظ ونفعت الوقاحة السيدة نيازي لتنتقل بين عهدين من عهود حياتها؛ من سيدةٍ تعدّ مكافحة الشيخوخة قضيةً رئيسيةً للنسوة الجميلات، وتنشغل بأصبغة الشعر وأنواع أحمر الشفاه، إلى شخصيةٍ عامةٍ يحتفي بها الممانعون بأنماطهم المختلفة. لتكون نيازي شيئاً معدوداً تقدّره أجهزة المخابرات وكتّاب الأعمدة الصحفية والمعلقون التلفزيونيون ومثقفو اليسار المختلط بالإيمان بعصمة نصر الله والخامنئي. إضافةً إلى عشرات الزبائن اليوميين لمطعمها، وخاصةً في أواخر السهرات، عندما تختلط الإشادة بالبيرة والتبولة بشجاعة ومبدئية السيدة نيازي، التي قاومت الولايات المتحدة، وحرمتها الجلوس إلى هذه الطاولة أو تلك.
وخلال السنوات الستّ اللاحقة لطرد السفير وحتى اندلاع الثورة، متنت نيازي صلاتها بالشأن العامّ وبالفن التشكيليّ وقضايا الثقافة والسياحة والاستثمار. وجاءت الثورة لتمكّن هذا التمتين، فتقفز نيازي بضع قفزاتٍ إلى الأعلى، وتتفرّغ للسياسة مؤسسةً حزبها الخاصّ تحت يافطة "معارضة الداخل"، التي جمعت طائفةً من المغامرين تحت "سقف الوطن" بأحزابٍ وتياراتٍ يمكن جمعها كلها، مع أنصارها وعائلاتهم، في صالة أفراحٍ مؤلفةٍ من مئتي كرسيّ.
ويمكن تتبع الرؤيا السـياسية لمعارضة الداخـل مجد نيازي من خلال إطلالاتها الإعلامية على وسائل المقاومة، وأنشطتها الفيسبوكية التي تدعو فيها كلّ يومٍ إلى التفاهم في حضن الوطن، وتقديس الجيش السوريّ، ومكافحة الفساد الداخليّ متمثلاً بمسؤولين من الدرجات المتدنية، مثل عبد الله الأحمر ومدراء عامّين وبعض قادة الشرطة في بعض المحافظات. وعن المستقبل، تحلم السيدة نيازي، التي يتهمها البعض بإدارة طاولات قمارٍ لنخبة النظام الأسديّ، بمجتمعٍ خالٍ من الطوائف كلّ الطوائف، وزواجٍ مدنيٍّ، وإغلاق المساجد حتى يتم التأكد أنها مكانٌ لممارسة طقوس التعبد فقط. ولا تخلو أعمال الزعيمة السياسية، المدعوّة اليوم لحضور مؤتمر موسكو1 -كرأسٍ من رؤوس المعارضة- من دعواتٍ لقتل القرضاوي والعرعور، والنزول في مسيرات تأييدٍ مفتوحةٍ ومستمرّةٍ للقائد بشار، الذي تصرّح في كلّ يومٍ ثلاث مرّاتٍ أنها تحبه كإنسانٍ ومواطنٍ وقائد أمة.