في سابقةٍ تعدّ الأولى من نوعها، نعت ما تسمّى برئاسة الجمهورية العربية السورية "اللواء المتقاعد الرفيق محمد ناصيف خير بك، معاون نائب رئيس الجمهورية، الذي انتقل إلى جوار ربّه صباح الأحد 28 حزيران 2015 إثر مرضٍ عضال"، بحسب بيانٍ نشرته وسائل إعلام النظام.
وأثار هذا الاهتمام "الرسميّ" الكثير من التساؤلات بين صفوف المؤيدين، إذ لم يسبق لتلك الرئاسة أن أقدمت على مثل هذا التقدير الشكليّ مع مسؤولي النظام الصرعى في ما يعرف بتفجير خلية الأزمة، ولا حتى في حالة المسؤولين الأمنيين الكبار، كجامع جامع ورستم غزالة. لتبدأ بعد ذلك عاصفةٌ من النعوات التشبيحية على الصفحات والمواقع، شرحاً لـ"مناقب الفقيد" وضخامة الفاجعة التي مني النظام ومؤيدوه بها، مبرّرين العناية بذكره خاصّةً، دوناً عن غيره من رجالات هذا العهد، من خلال نشر صورٍ حصريةٍ له، والإجابة عن تساؤلات الشبيحة الصغار الذين لم يعايشوه، كما فعلت شبكة أخبار مصياف الأسد، التي يتحدّر ناصيف من إحدى قراها:
"سيقول البعض لماذا الاهتمام الشعبي بـه؟؟؟
والجواب: هو آخر رجالات الدولة التي بناها الرئيس الراحل حافظ الأسد، وممن حافظوا على دورهم ومشورتهم وأخلاقهم وتواضعهم بعد رحيله. كان يزور مدينة مصياف بدون أي مُرافقة أو مواكب، ولم يؤذِ أيّ شخصٍ باستغلال نفوذه (كحالة المسؤول التقليديّ في سوريا). حالياً بتشوف واحد محكوم مُسبقاً ماشي وراه دوشكا وأمامه 20 شبيح لإهانة أهالي مصياف وغيرها من مناطق (حاضنة الشهداء ومصابي الجيش) وبتشوف قائد مربّى سكسوكة!! سارق وقود وغاز مصياف لبيعه لمسلحي جبل الزاوية مع نفس شاكلة المرافقة والترفيق. اللواء المرحوم مواليد اللقبة ريف مصياف، دخل الكلية الحربية، استلم وهو بعمر الثلاثين أهم الأفرع الأمنية وكان من رجال الدولة والثقة لدى الرئيس حافظ الأسد وله علاقات هامة مع الإيرانيين والأكراد وملفاتهم وله الدور الأساسي في حسم أحداث الإخوان في أحداث 1983".
وبغضّ النظر عن المزايا الإجرامية التي تمتع بها الفقيد، بحكم عمله لسنواتٍ طويلةٍ كذراعٍ أمنيةٍ موثوقةٍ لحافظ الأسد، وإدارته للفرع الداخليّ 251 المسؤول عن تغييب آلاف السوريين؛ فإن المقارنة التي أوردتها الصفحة بين ناصيف "المتواضع" ونمط الشبيحة المغترّين والفاسدين الحاليين لا تشير إلى حنينٍ لعهد ونموذج ضباط حافظ وحسب؛ وإنما تشير إلى الرغبة في العودة إلى الإجرام المنظّم ضمن "مؤسّسات الدولة" (حسم أحداث الإخوان)، لا ما هو حاصلٌ الآن من رداءةٍ في التشبيح العشوائيّ في زمن بشار، وسرقةٍ وتعاملٍ مع من يوصفون بالأعداء الذين يخرّبون البلد، ويسقط في سبيل التصدّي لمؤامرتهم المزعومة قتلى من نفس الشبيحة الذين تُلعَقُ بساطيرهم ليل نهار.
وبالطريقة ذاتها، خرج مرؤوس ناصيف ووريثه في إدارة فرع المخابرات ليبكيه، لكن بشكلٍ أكثر دراميةً ومعايشةً لبنية "المؤسّسة" التشبيحية التي ينتميان إليها، والتي لا تحتفي إلا بالولاء الشخصيّ لحافظ وابنه. ليقول بهجت سليمان: "أبو وائل هو نِبْراسٌ في خدمةِ شعبِهِ ووطنِهِ وقائدِه الأسد الأوّل والأسد الثاني..".
وليستمرّ المؤيدون بالتشييع.