يتزامن صدور هذا العدد مع أول أيام عيد الأضحى المبارك، وفيه نتمنى لأهلنا وناسنا السلام وما أمكن من فرح. ونأمل أن يكون آخر عيد يقضونه في المخيمات، وتحت القصف، وفي أسر الظلم، وفي المنافي.

تمر السنوات وتتوالى الأعياد والطريق يزداد غموضاً، والحلم بحياة مستقرة كريمة يصبح أبعد. هذا صحيح، ولكن الصحيح أيضاً أن التاريخ لا يرجع إلى الوراء مهما كلّت الأيادي التي طرقت باب المستقبل.

الطريق إلى إعادة تأهيل الأسد مقطوع، مهما راجت تسريبات مزعومة تتلقاها أنفس قلقة. فبعد كل ما جرى أصبح الأسد عثرة في طريق السلام في سورية، وهذا أمر يعرفه حلفاؤه جيداً. كل ما يجري هو البحث عن الترتيبات المناسبة، بعد أن بلغ الوضع السوري مرحلة صار لا بد فيها من حل قريب.

إذاً، وفي رأينا على الأقل، سيأتي اليوم التالي غداً أو بعد غد، بمرحلة انتقالية قصيرة جداً أو قصيرة، وسيصبح هذا الكابوس من الماضي. ولكن ما حصل ليس سهلاً على الإطلاق، والمستقبل ليس مزدهراً بعفوية، فحجم ما جرى من خراب وإجرام وتعسكر وتدخلات دولية وانهيار مجالات مركزية في حياة السوريين، كالاقتصاد والصحة والتعليم والخدمات... هي كلها أمور تستغرق سنوات طويلة من الجهد.

وفي تلك المراحل ستحتاج البلاد إلى استنفار كل طاقاتها. لعل هذه ليست بشرى طيبة ومريحة لمن تعبوا، وهم كثيرون ومعهم الحق، ولكنها دعوة إلى الاستعداد لنفَس طويل وصبور لمن سيتابع الطريق. الذي لن يكون وردياً كما قلنا، ولكنه سيكون في اتجاه البناء لا مجرد مراوحة قرب الصفر، كما هو حاصل الآن.

ولهذا يحتفل غلاف هذا العدد برجال الدفاع المدني، ذوي القبعات البيض والقلوب البيضاء، الذين يُصلحون عندما يُفسد الناس، ودوماً يتلقون الضربات ويتعرضون لتشويه الصورة لأنهم أحد الجوانب القليلة الناصعة التي تستفز كل سواد من أي طرف أتى.

كل عام وأمهات الشهداء وعائلاتهم بخير، وأسرانا أحرار، والبلاد أقرب إلى الأمان والرفاه.