دبلوماسيّة لونا الشبل

لم تتعلم زمرة الأسد من عالم العصابات إلا الجريمة والابتذال، فهي تعجز حتى عن مجاراة العصابات في الظهور بمظاهر الجدّ والمسؤولية، وتخفق في كل مرةٍ في إحراز ولو جزءٍ يسيرٍ من الاحترام. برز ذلك في مؤتمر جنيف الأخير بسلوك أعضاء الوفد الأسديّ فرادى ومجتمعين، وفي تصريحاتهم لوسائل الإعلام، وفي تعليقاتهم الخاصة أيضاً. فلونا الشبل، مستشارة بشار الأسد الإعلامية، على سبيل المثال، لم تكفّ عن الضحك أثناء كلمة وليد المعلم الطويلة جداً والسخيفة جداً أمام العشرات من وزراء خارجية الدول. وتتفاخر لونا بهذه الضحكات التافهة، مفسّرةً ذلك لمقرّبين منها أنها كانت تضحك على كيفية إجبار "الحكومة السورية" لأربعين دولة كانت تحضر افتتاح المؤتمر على حسن الإصغاء طيلة نصف ساعة أو أكثر! وقالت: "اقترحت على وزير الخارجية أن تكون الكلمة طويلةً على هذا النحو، وأن يُتمّها حتى وإن جرت مقاطعته، وهذا الذي حدث". وأضافت لتفسر ضحكةً أخرى: "ضحكت أيضاً على كيري حين كان يضع يديه على خديه مثل العاجز.. لا هو ولا غيره يرغب جدياً أو يستطيع تغيير النظام السوريّ". وفي رسالةٍ أخرى لها، بحسب ما تناقلت وسائل إعلام الشبيحة وصفحاتهم، تقول لونا: "ضحكت على رأس هيثم المالح المضمّد بالشاش وهو يجلس خلف الجربا كأن أحداً ضربه قبل دخوله المؤتمر". ثم لا تلبث أن تضفي شيئاً من الجدّ في رسائلها عن المؤتمر بطمأنة قطعان الشبيحة على مستقبل قائدهم السياسي: "لا تقلقوا، الرئيس باقٍ وسيترشح لولايةٍ ثانية، ولا يستطيع أحدٌ تغيير هذا الواقع بما في ذلك الولايات المتحدة. وسنبقى في المؤتمر حتى يملّ الآخرون وينصرفوا من حيث جاؤوا.. والأيام القادمة ستثبت لكم صحة كلامي".
لا شــيء غريبٌ رغـــم كـــلّ هذا، فالدولــــة التي يصبــــح فيها قاصرٌ مثل بشار رئيســاً تصبح فيــها امرأةٌ سوقيـــةٌ مثل لونا الشبل دبلوماسية.

 

بيجو 504

بيجو 504

لسيارة البيجو 504 مكانةٌ خاصةٌ في قلوب كبار السن من أتباع عائلة الأسد، فهي الذكرى الرائعة من زمنهم الجميل، زمن استباحتهم لكل شيءٍ في هذه البلاد. فهذه السيارة، التي بدأت أجهزة المخابرات السورية باستخدامها منذ مطلع الثمانينات من القرن المنصرم وحتى نهايته، كانت علامةً من علامات الهيبة والتسلط واستقرار الأمر لحافظ الأسد "إلى الأبد" بحسب ما ردد السوريون في تحيات علمهم الصباحية. ويغرورق قلب كل مساعدٍ أول متقاعدٍ من المخابرات دمعاً وشوقاً كلما صدف أن يشاهد هذه السيارة الآخذة بالانقراض من الطرقات، فطالما انطلق بها نحو الفرع يحمل معتقلين، وطالما ملأها بعبوات السمن وأطباق البيض وأكياس البرغل والأرز، والجيب مملوءٌ بقسائم الوقود من الكازيات العسكرية لتفرح بها زوجته في السومرية أو مزة 86 أو حتى الى الضيعة قرب قرفيص أو عين شقاق أو البهلولية. ويا ضياع تلك الأيام المجيدة وضياع البيجو 504، التي لم يكن تاريخ ولادتها الحقيقيّ عام 1974 في المصانع الفرنسية بالنسبة لآلاف المساعدين الأمنيين وضباط الجيش، إنما هو تاريخ أول مرةٍ عربدت فيها هذا السيارة بسرعةٍ جنونيةٍ في شارع من شوارع دمشق، أو علقت على زجاجها الخلفيّ صورة كبيرة
لحافظ الأسد.

شيءٌ اسمه ناهض حتر

لمرتزقة بشار الأسد الأردنيين نكهةٌ خاصة، تجمع بين البلاهــــــة والاضطـــــــراب، مع اجترارٍ دائمٍ لمبادئ منقرضــــة، صُـــــدّرت إليهم في العهد الذي كانت فيه القومـــــــية العربيـــة والاشتراكية، بدرجاتها المختلفة، تعتبر مفاهيم حديثة. ودوماً، أيّ مفهومٍ ثقافيٍّ أو سياسيٍّ يمكن اعتباره بالنسبة لأردنيٍّ مثل ناهض حتر، حداثة. ودوماً، أيضاً، كلّ ما يصدر عن الكتلة الإجرامية المتمثلة بمحور إيران نظام الأسد حزب الله، يعدّ مقاومة. وكلّ من يقف في وجه هذا المحور هو جزءٌ من مؤامرةٍ إمبريالية. والثورة السورية بالنسبة إليه مجرد فصلٍ من فصول هذه المؤامرة المتجددة، فهي مرتبطةٌ بالاستعمار والاستكبار الغربيّين، وصديقةٌ لإسرائيل، ومدعومةٌ من الأنظمة الرجــــــعية، ومحكومـــــــةٌ بالتخلف والجهل والإرهاب والتطرف والتعصب.
ولذلك، لا يريد حتر أن يرى التطرف والإجرام في سلوك قطعان الشبيحة أو العصابات الشيعية العراقية أو ميليشيا حزب الله، بل يرى في الأخير طليعةً أخلاقيةً تجمع كل فضائل الجغرافيا والتاريخ، فيخاطب مقاتلي هذا الحزب بقوله: في عُنقي لكم دَينٌ يا أحبتي ورفاقي، لأمهاتكم، لآبائكم، لزوجاتكم، لأبنائكم، لحزبكم العظيم... حزب الله، حزب المسيح ومحمد وعلي والحسين، حزب ماركس وإنغلز ولينين، حزب ميشيل عفلق وأنطون سعادة وفهد، حزب عبد الناصر وحافظ الأسد، القلب المسلّح لحركة التحرر الوطني العربية!
في أيّ مكانٍ من العالم بقي من يكتب مثل هذا الإنشاء الأحمق؟ وفي أيّ مكانٍ أيضاً يمكن العثور على هذا الشيء، ناهض حتر؟

ناهض حتر