- الرئيسية
- الأرشيف
- جولة المدينة
جولة جنيف الثانية: النظام يمـيّع "البنود" بالـتلفيقات والشـتائم.. والإبراهيـميّ يعتذر!
انتهت الجولة الثانية من مفاوضات جنيف2 بفشلٍ ذريعٍ أعلنه الموفد والوسيط الأمميّ الأخضر الإبراهيميّ، بعد محادثاتٍ ماراتونيةٍ بدأت في العاشر من الشهر الجاري، انتهج وفد النظام السوريّ خلالها ديبلوماسية "كسر العظم" لتمييع بنود جنيف1، وإقحام بند "مكافحة الإرهاب"، الذي يدغدغ مشاعر الغرب، والإصرار عليه وتنصيبه كأولويةٍ "شرطيةٍ" لمناقشة البنود الأخرى، وأبرزها "تشكيل هيئة الحكم الانتقالية"، التي دخل وفد المعارضة المفاوضات من أجلها.
وقال لؤي صافي، المتحدث باسم وفد الائتلاف، إن وفد النظام عمد منذ البداية إلى تعطيل المؤتمر، وإن الإبراهيمي اعترف بأن من يقوم بتعطيل المفاوضات هو وفد النظام، بعد أن تملّص من موافقته على مناقشة جدول الأعمال كما قرّره الإبراهيمي، والذي تضمّن مناقشة ملفّي "الإرهاب" و"الهيئة الانتقالية".
ويأتي تصريح رئيس الائتلاف أحمد الجربا (مفاجئاً)، لا بتوقيته وإنما بمصدره الجغرافي، عندما أعلن من الداخل السوريّ، خلال زيارته لقياداتٍ من الجيش الحرّ بمحافظة إدلب، أنه: "لا يمكن أن نرضى بأيّ حلٍّ سياسيٍّ يكون الأسد جزءاً منه، فلا مكان للمجرمين في سوريا الحرية. والنظام، الذي قتل حتى الآن ما لا يقلّ عن 200 ألف مواطنٍ سوريّ، وهجّر الملايين في داخل وخارج سوريا، واعتقل عشرات الآلاف من الشباب؛ لا يسعى للوصول إلى حلٍّ سياسيّ، وهدفه الأساسيّ استنزاف الوقت المتلطخ بدماء السوريين".
وكان وفد المعارضة قدّم "وثيقةً سياسيةً" لانتقال السلطة، تتضمن مسوّدتها 24 بنداً تمحورت حول تشكيل هيئة الحكم الانتقاليّ في سوريا ومهامها ومسؤلياتها. وتنصّ البنود على عقد مؤتمر توافقٍ وطنيٍّ من أجل صياغة مجموعة مبادئ تشكل أساساً لصياغة الدستور الجديد، وإقامة النظام الدستوريّ الجديد من قبل الشعب السوريّ عبر الاستفتاء العام، وقيام هيئة الحكم الانتقاليّ بالتحضير لانتخاباتٍ حرّةٍ ونزيهةٍ وتعددية.
في حين واصل وفد النظام، وعبر قنواته الإلكترونية بين القصر الجمهوريّ بدمشق وقاعة المؤتمر، التعنت والمكابرة وكيل الاتهامات والشتائم الصبيانية لوفد المعارضة، تحت غطاءٍ ديبلوماسيٍّ روسيٍّ "ترقيعيّ" بدا جلياً من خلال تناغم دعوة موسكو لإصدار قرارٍ يدين أعمال "الإرهاب" مع خطاب دمشق الذي يستخدم هذا المصطلح لوصف كل من يقاتلون من أجل الإطاحة ببشار الأسد. في حين وجّه وزير الخارجية الروسيّ سيرجي لافروف اتهاماً (غريباً) للمعارضة السورية بسعيها إلى "تغيير النظام"! وقال إن تشكيل هيئة حكمٍ انتقاليٍّ يجب ألا يكون الهدف الوحيد لمحادثات السلام في جنيف. كما قدّمت موسكو مسوّدة قرارين لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن إدخال المساعدات الإنسانية و"محاربة الإرهاب".
أما الموقف الأمريكي من جنيف2، فلم يكن بالقدر الكافي من القوّة التي دخل بها الروس على خط المفاوضات، إذ قالت مساعدة وزير الخارجية الأمريكية إنه تم الاتفاق بين واشنطن وموسكو على تنفيذ بنود جنيف1 كاملةً، ومن ضمنها الحكم الانتقالي، ولكن لم يظهر هذا الاتفاق إلى النور. واكتفت الخارجية الأمريكية بتصريحٍ يطلب من روسيا الضغط على النظام في سوريا من أجل المشاركة بطريقةٍ جدّيةٍ وبناءةٍ في مفاوضات جنيف.
واكتفى الإبراهيميّ بدقّ آخر إسفينٍ في نعش الجـــولة الثانيــــة من المفاوضـــات، عبر توجـــيه "اعتذارٍ" للشعب السوريّ، معترفاً بأن وفد النظام رفض مناقشة ثلث ما جاء في أجندة التفاوض، ورفض بند هيئة الحكم الانتقاليّ. وفي هذه الأثناء حمّلت باريس نظام الأسد مسؤولية فشل المفاوضات، وقال وزير الخارجيــــة الفرنسيّ، لوران فابيوس، إن "فرنسا تدين موقف النظام السوري الذي عرقل أيّ تقدمٍ نحو تشكيل حكومةٍ انتقالية، وكثف أعمال العنف بحق السكان المدنيين". وكذلك وصف وزير الخارجية البريطانيّ، وليام هيغ، فشل مفاوضات جنيف بأنه "إخفاقٌ كبير"، محمّلاً النظام مسؤولية الوصول إلى هذا "المأزق".
وهكذا، انتهت الجولة الثانية من جنيف2 دون أيّ بوادر حلّ، وليختم بشار الجعفري بتصريحات الشتائم، وبالمقابل يعلن وفد المعارضة موافقته على مقترح الإبراهيميّ حول جدول الأعمال وإدارة العملية التفاوضية، دون أن يحدّد الأخير موعد الجولة الثالثة، ويبقى شلال الدم السوريّ مستمراً تحت وطأة براميل الأسد.