في مستنقع الأزمات التي يغرق فيها العلويون، والتي تبدأ بفقدان شبّانهم ولا تنتهي بلقمة العيش، وأزمات الطاقة التي تتفاقم يوماً بعد يوم، وفي محيطٍ يغزوه فساد مسؤوليهم واستغلالهم، وحتّى لقناعتهم المتزايدة أنّ ضباطهم فاسدون وجميع من يقاتلون معهم، ومع تصاعد حدّة الانتقادات لبشار الأسد كرئيس وحامٍ للطائفة، وبعد أن أدّت كلّ وعوده إلى جحيم خياراتهم؛ تظهر الشخصيّة الأسطورية، والتي بالكاد حققت بعض "المكاسب"؛ العقيد سهيل حسن.
بدأ هـذا الرجـل أعـمالـه العسـكرية "الأسطورية" في حماة ومن ثم في إدلب. وأوّل قصّةٍ بدأت تنعش آمال العلويين بقائدٍ قويٍّ هي إعدامه لعددٍ من (مقاتلي الشبيحة) لأنّهم قاموا بأعمال السرقة والنهب. وكان إعدامهم على الملأ أمام أعين مقاتليه، ليعلن صراحةً أن من يحارب معه سيحارب من أجل النصر لا من أجل السرقة...
أما تلك الصلاحيات الواسعة التي تمتع بها فمن أين جاءت؟ لا أحد يعلم. تقول الأسطورة العلوية إنّ بشّار الأسد هو من منحه كافة الصلاحيّات. لكنّ الجميع يعلم أن بشار لا يستطيع أن يتجاوز الحجاج الإيرانيين، ولا يستطيع أيٌّ من ضبّاطه فرض أمرٍ عليهم، أو ردعهم عن فعل أيّ شيء.
عندما وقعت كسب بيد قوّاتٍ من المعارضة السوريّة أسرع إليها. وتقول الأسطورة العلويّة إنّه هو من قام بتصفية هلال الأسد لكثرة فساد الأخير. ومن حسن حظّه أن المعارضة تعرضت لضغوطٍ سياسيةٍ أدّت لانسحابها من كثيرٍ من المناطق هناك، فكان للعقيد سهيل حسن النصر.
اتجه بعدها، مع القوّات التي أتت من كلّ الجهات المقاتلة مع النظام لتنضمّ إليه (الجيش، والأمن، والدفاع الوطنيّ...) إلى حلب. وراح الموالون يحلمون بـ"تحرير" حلب القريب، لكنّه لم يفلح في هذا الأمر. ما استطاع فعله في حلب هو أنّه أمّن الطريق الـــشرقيّ إليها، باتباع سياسـة الأرض المحروقة. لا شيء خلفه على قيد الحـــياة، ولا قائمةً تقوم من بعد مروره في أيّ مكان. عُرف عنه أنّه استمال أهل السفيرة بريف حلب، عندما أغدق عليهم الغاز والمازوت والمواد الغذائية. لكن هذا الوفاق لم يدم طويلاً، فدخلها محدثاً الكثير من المجازر.
راوح في حلب لعدّة أشهرٍ لم يستطع فيها أن يحدث خرقاً في معادلة الصراع. حتّى سياسته الإجرامية في التدمير والحرق لم تفلح، إذ إنّ الثوار أوقفوه وراحوا يتقدّمون أحياناً. الرجل الأسطورة يبحث عن نصرٍ تعيش أسطورته عليه كلّما خمد نجم نصره السابق. ترك حلب وصبّ قواته على ريف حماة، وعلى مورك بالتحديد، ما أدّى لانسحاب الجيش الحرّ من هناك، ودخل سهيل حسن مورك.
من القصص الأسطورية، والتي ربما قد تكون صحيحةً هذه المرّة، أنّه تعرّض لمحاولة اغتيالٍ دُفع عليها أكثر من مئة مليون دولار، تورّط فيها أكثر من خمسة ضبّاطٍ علويين رفيعي المستوى. تقول القصّة إنّه اكتشف أمرهم وقام بإعدامهم ميدانيّاً في مطار حماة. (قد يكون زعم محاولة الاغتيال مجرّد مطيّةٍ لقتل كل من يقف في طريقه).
وتحكي قصّةٌ أخرى عن محاولة اغتياله في حلب، حيث أصيب في يده وقتل أحد مرافقيه. وتقول إحدى أكبر الشطحات الأسطوريّة إنّ هناك خمس نسخٍ عن العقيد، كلٌّ منها شبيهةٌ بالأصل إلى حدٍّ كبير، ومنها نسخةٌ إيرانيّة تعلّمت على مدى شهورٍ اللكنة العلوية في الحديث!!!
تقول الأخبار مؤخراً إنّ سهيل حسن قد اتجه مع قوّاته إلى حقل الشاعر في تدمر، ليحرّرها من تنظيم داعش. حقل الشاعر، الذي يحوي مخزوناً استراتيجيّاً للطاقة، صار نقطة التقاء أكثر القوى تأثيراً على الأرض السورية (التحالف الدوليّ، داعش، والنظام ممثلاً بقائده الأسطوريّ).
ولكن الـــعقيد لم يستـطع أن يحقق نصــراً هـذه المرّة. ربما لسبـــبين؛ أولهــما أنّ الجوّ هناك للتحـالف، وثانيـهــما أن الأرض محروقةٌ سلفاً.