مشهدٌ جديدٌ يفتح الباب على صراعٍ عالــمي حول تسليح المعارضة السورية
برودٌ دبلوماسي.. وأمريكا تبحث عن بدائل، وتواجه خلافاً داخــلياً محوره ســـورية
تبدو تحركات وتصريحات الرئيس الأمريكي هي الأكثر حضوراً على ساحة الدبلوماسية العالمية فيما يخص تطورات الشأن السوري، إذ إن تقلبات الرأي حول الموقف الأمريكي، والصراعات الداخلية في الإدارة الأمريكية، تبدو الأكثر تأثيراً على قضية تسليح كتائب المعارضة السورية. وهو ما لا ينظر إليه باهتمامٍ كبيرٍ من قبل ثوار الداخل، على اعتبار أنه يخضع لمساومات كبيرة، بينما يعتبر القضية الأهم في مجال حسم الصراع، لأن مجمل العمليات العسكرية على الأرض يحقق فيها الثوار أو النظام تقدماً، إنما لا يحسمان وضع جبهة من الجبهات.
وفي آخر التسريبات الأمريكية يظهر توجه أمريكي جديد نحو الاعتماد على المعارضة العسكرية في التفاوض، وتحييد الائتلاف الوطني إلى حدٍ كبيرٍ، دون أن يتم الإعلان عن ذلك بشكل مباشر. إلا أن التسريبات تذهب أبعد من ذلك، إذ يبدو أن هناك بحث أمريكي جديد عن كيان معارض عسكري يتجاوز خلافات المعارضة السياسية وضعف تأييدها شعبياً. ولعل أهم الدلائل الجديدة على ذلك هو بروز نجم اللواء "سليم إدريس" ومجموعة من القيادات العسكرية الأخرى، ودخولهم في مجال قضية التسليح أكثر من المعارضة السياسية التي تتضارب الأنباء عندها وتعتمد على خارجيات دولٍ يبدو أنها لا تعطي للمعارضة من المعلومات ما يجيب على إشارات استفهامها أو استفهام الشارع السوري.
يصرّح أحد أعضاء الائتلاف أن الإدارة الأمريكية تفقد ثقتها بالائتلاف وتبحث عن بديل. بينما لم تظهر أي نتائج واضحة لاجتماع مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، جون بيرنان، مع عددٍ من القيادات الأمنية والعسكرية في الكونغرس الأمريكي، والذي تناول موقف أوباما من القضية السورية. مع العلم أن الاجتماع لم يكن مخصصاً لمناقشة هذا الجانب، وما تبين فيما بعد أن تقريراً تم وضعه يلخص الوضع في سورية وموقف الإدارة الأمريكية منه، لم يتم التصريح بمضمونه، وأشرف عليه نائب الرئيس جوزيف بايدن ونائب وزير الخارجية بيل بيرنز، إضافة إلى قادة استخباراتيين.
بينما كانت آخر تصريحات أوباما تراوح حول خلافه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حين أقرّ الرئيس الأمريكي بضرورة تسليح المعارضة، وأن بلده عازمٌ على تزويد الثوار بالسلاح. إلا أن ذلك لم يخلُ من ترددٍ أتبعه أوباما بالقول إن الأسلحة خفيفة، وستعطى لعناصر معينة من الثوار. وتقول التوقعات إن اللواء سليم إدريس هو من سوف يرشح الكتائب التي سيتم تسليحها، وسينظم قضية توزيع السلاح، الذي لم تحدد نوعيته حتى الآن.
عربياً
في الوقت الذي تبتعد فيه معظم خارجيات الدول العربية، ومنظمة الجامعة العربية، عن طرح الملف السوري في سياق اجتماعات أو مؤتمرات جديدة، وتترك للدول الكبرى مهمة وضع التصورات؛ تبدو المملكة العربية السعودية العنصر العربي الأقرب إلى التعاطي المباشر مع الوضع السوري. وهو ما تبدّى في مؤتمر صحافي مشترك بعد اجتماع عقد بين وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ونظيره الأميركي، عندما قال الفيصل إن: "أخطر المستجدات على الساحة السورية هي مشاركة قوات أجنبية ممثلة في ميليشيات "حزب الله" وغيرها مدعومة بقوات "الحرس الثوري" الإيراني في قتل السوريين، وبدعم غير محدودٍ بالسلاح الروسي".
وأوضح الفيصل ضرورة التدخل المباشر بالقول: إن المملكة لن تسكت حيال ما يجري في سورية، فالمملكة لا تتدخل في شؤون الآخرين، ولكن تريد مساعدة الشعب السوري بحسب قدراتها. داعياً إلى وحدة المقاومة.
وأمام مجمل التداولات السياسية في قضية التسليح ودعم الثورة السورية، ومجمل التراخي الأممي في رؤية المشهد الميداني على الأرض، يبدو عقد مؤتمر جينيف 2 أمراً بعيداً. بل ومن المتوقع أن تصاغ عملية التفاوض بشكلٍ جديدٍ، خاصة في ضوء تغيرات رؤية مراكز القرار الدولي، وبدء نشوب صراعات جديدة فيما يتعلق بسورية.