أرحّب بصديقي العزيز المقاتل مدير مكتب المقاومة السورية في إدلب، الذي بقي لآخر لحظة -هو ورفاقنا- يقاتلون من (زانية إلى زانية؟)، من شباك إلى شباك، من حيط إلى حيط، من عامود كهربا إلى عامود كهربا، في شوارع إدلب، يمثلون المقاومة السورية للقاصي والداني. إنّ المقاومة السورية هي بطلٌ من أبطال القوى الوطنية مؤازرة للجيش العربيّ السوريّ بقيادة الرئيس بشار الأسد...
هكذا استقبل معراج أورال، المعروف بعلي كيالي، قائد ميليشيا المقاومة السورية، زميله أبو راقي "رئيس" فرع الميليشيا في إدلب، كي يكشف أسرار معركة المدينة وما جرى لقوّاته وأدّى إلى تشرذمها، من خلال مقابلةٍ صوّرت بالموبايل في إحدى مجاهيل غابات جبال كسب، حيث يقع "مقرّ قيادة" المقاومة السورية أو ما يسمّى الجبهة الشعبية لتحرير لواء إسكندرون.
تبدأ المقابلة بعناقٍ وقُبلٍ يتبادلها معراج مع أبو راقي قبل أن يسأله عن "طبيعة المعركة" وأسباب الانسحاب الذي برّره الأخير بقوله: "هي معركة كونية مؤلفة من 60 و70 دولة، والتي قادها أردوغان النتن بدباباته وآلياته وخبرائه". ليستطرد موضحاً: "رأينا العلم التركي على الدبابات، ورأينا أتراك لن يتحدثوا العربية بصياحهم إلى بعض، ارتأينا بأكثر من لغة، فكانت الحرب حرب كونية وبمعدّات كونية وبإمداد تركيّ وخبراء أتراك وأجانب كان عددهم بالآلاف، بتقنية اتصالات. إنها حرب دولية وليس مسلحين".
يقاطع معراج أورال زائره المتواضع ليسأله أحد أطول الأسئلة في التاريخ الحديث: يعني نعتبر أن هذه البقعة من الأرض، مع أنو هي بقطر 12، 15 كيلومتر، هي نقطة إستراتيجية لصالح التوسع العثمانيّ الجديد في المنطقة، مدعوماً من عقول الربع الخالي، كما نسميهم في أدبيات المقاومة السورية، والاستخبارات السعودية، دعماً لحروب المنطقة الوالعة في اليمن وشمال سوريا في إدلب، كيف قاتلتوا حارة حارة بيت بيت؟
يتلفت أبو راقي حوله ويقول: بقينا ندافع عن الموقع حتى تغلبوا علينا فانسحبنا إلى المربع الأمنيّ ومن ثمّ إلى دوار المطلق. أحرقوا مكتب المقاومة. وكان كأنو اللوحة الإعلانية هي عدوّهم اللدود، فقاموا بتخزيقها وحرق مكتب المقاومة والتنكيل باللوحة والتدويس عليها، وبأحد الفديوهات ظهر هذا الشي. وكأنهم يخشوا من المقاومة والحمد لله.
لم يدم هذا التكرار الركيك طويلاً حتى سارع معراج إلى البوح بحنقه، من خلال نداءٍ وخطبةٍ أخرى يكشف بها ما حلّ بعناصر ميليشياته: بإسم المقاومة السورية أنا أقول هذا التراجع شكل وصمة غير مرغوب فيها، ولن نتقبلها أبداً. وأنا من هنا أقول لكل مقاتلي المقاومة السورية: يا أبنائي، يا رفاقي، يا أخوتي؛ أناديكم، أشدّ على أياديكم، أنتو الأبطال، أنتو صنعتو المجد بكلّ مكان، أناديكم الرجوع ولمّ الشمل والقتال جنباً إلى جنب مع الجيش العربي السوري، والهدف ترجيع إدلب منتصبة القامة. هذا أمر وتعليمات، وهذا ينفذ من قبلكم.