- الرئيسية
- مقالات
- غير مصنف
العمليّة التربويّة في الطبقة... واقعٌ وصعوبات معلمون مفصولون لم يـتركوا العمل، وأهمله زملاءٌ ما زالوا يتـقاضون أجورهم!
إحدى المدارس المدمّرة في الطبقة
قيس الرقي
هو عامٌ آخر لم يذهب فيه أطفال الطبقة إلى مدارسهم كما يجب. مضى الفصل الدراسيّ الأول، وها هو الفصل الثاني يبدأ، ولا يبدو أن هذه المشكلة في طريقها إلى الحلّ.
"عين المدينة" التقت السيد علي المحيميد، رئيس مكتب التربية في المجلس المحليّ لمدينة الطبقة وريفها، والذي حدثنا عن واقع العلمية التربوية بالقول:
نفض العام عن كاهله أدران خمسين سنةٍ لم يكن العلم والتعليم غايتها، بمقدار ما كان تمجيد وتأليه القائد فيها سائداً، ومضى يحبو أولى خطواته متحرّراً من كلِّ ما سبق، متخطياً كبواتٍ وعثراتٍ تسابق كثيرون لزرعها في طريقه. ولعلَّ أكبرَ عثرةٍ كأداءَ كانت في التراجع الملحوظ في عدد الطلاب في العام المنصرم، فقد انحسر هذا العدد فوصل إلى زهاء (20876) فقط، بلغ عدد الذكور منهم (10598)، في الوقت الذي كان فيه عدد الإناث (10278)، موزّعين في (56) مدرسة. لكن هذا العدد عاد وتناقص خلال هذا العام إلى (11219)، منهم (5571) طالباً، و(5648) طالبةً، موزعين في (45) مدرسةً. وقد تناقص عدد المدارس بسب تعرض كثيرٍ منها للقصف من قبل قوّات النظام، الأمر الذي جعل العمل فيها محالاً بسبب حجم الدَّمار وما لحقه من عمليات نهبٍ وسلب، كما هو الحال في مدرسة الثورة ومدارس أخرى كثيرة. في حين تمّ الالتحاق ببعض المدارس التي تعرّضت لأضرارٍ جزئيةٍ كان من الممكن تلافيها، كمدراس اليرموك والقادسية والفنون النّسوية وميسلون. أما تناقص عدد الطلبة فنعزوه إلى ارتفاع معدلات التسرب التي كان القانون يحدُّ منها سابقاً، إلى جانب النزوحين الخارجيّ والداخليّ، اللذين استنزفا أُسراً كثيرةً من أبناء المدينة. ناهيك عن إحجام بعض الأهالي عن إرسال بناتهم إلى المدرسة جرّاء الظروف غير الآمنة، ودفعِ أبنائهم إلى ساحاتِ العملِ لكسب قوتهم وما يمكن أن يسهم في إعانة الأسرة في مصروفاتها المتكاثرة.
أما المدرّس قاسم الحمود، وهو أحد المعلمين المفصولين الذين ما زالوا يواظبون على عملهم، فيقول: هناك أيضاً تناقصٌ في عدد أفراد الملاك التعليميّ والإداريّ بين هذا العام والعام الفائت، فقد كان عدد المعلمين في السنة الماضية (1251) معلماً ومعلمةً، تناقصوا إلى (652). ولعل مردّ ذلك لا يخرج عن الأسباب التي أدت إلى تناقص أعداد الطلبة والتلاميذ، كالهجرة والنزوح، إلى جانب الفصل والإيقاف عن العمل الذي مورس بحق المعلمين. ولعلّ أهم المشكلات التي تواجهنا تتجلى في العوز إلى الكتب المدرسية، وخاصةً في المواد الأساسية، كاللغة العربية والرياضيات، ولا سيما مقرّرات الصف السادس الابتدائيّ.
ويدلي المعلم حسن المطلق بدلوه، فيوضح لنا أنّ ما حدث في بعض المدارس كان أمراً متوقعاً من نظامٍ لا يحترم الطفولة ولا يتوانى عن أذيتها، وهذا ما حدث، فقد تعرّضت غير مدرسةٍ للقصف أثناء وجود الأطفال فيها. وما كان من بعض ذوي النفوس الضعيفة أشدّ وقعاً على النفس، ونعني ما حدث من عمليات سلبٍ ونهبٍ على "أيدي بعض الكتائب" لمعدّات ووسائل المدارس وأثاثها. ومن ناحيةٍ ثانيةٍ لا يمكن التّغاضي عمّا قام به الوافدون الذي عمدوا إلى التّخريب في المدراس التي تمّ إيواؤهم فيها، فقام بعضهم بتحطيم المقاعد وتكسير الأبواب لاستخدامها في التدفئة. أما إذا أردنا الحديث عن الملاك التعليمي فهناك غصّاتٌ أخرى تتجلى في تواني بعض المعلمين عن الالتحاق بالعملية التربوية (لا سيما المختصون ومدرّسو المواد الأساسية) على الرّغم من كونهم ما زالوا يتقاضون أجورهم، في الوقت الذي لم ينقطع فيه بعض الموقوفين عن العمل عن متابعة أداء واجبهم. ليس هذا فحسب، بل راح بعضهم يضع العِصيّ في العجلات ليوقف مسيرة العام الدّراسيّ، ليجد المسوّغ ليركن إلى الجلوس في بيته أو التفرّغ لعمله الخاصّ!