لا يمكن اختزال مهمة (فرع مكافحة الجرائم الالكترونية) بمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي، إلّا في سوريا، التي عممّ فيها الأسد تجربة الفرع الذي أُنشئ في 2012، على جميع المحافظات السورية بموجب مرسوم صدر منذ أيام.

العقيد المهندس حيدر فوزي (رئيس الفرع) لا يفقه كثيراً في علوم الاتصالات، على حد قوله. ولكنّه يستشعر الجرائم الالكترونية فـ في كل ثانية هناك اختراق لحاسوب، وملاحقة لحساب وهمي على الفيس بوك.

«الرجل الهيبة الذي سيشحطنا كلنا، جماعة الانترنيت، على بيت خالتنا» كما تناقلت وسائل الإعلام الموالية، يدير صفحة الفرع على الفيس بوك بنفسه، ويردّ على المديح والإطراء من أصدقائه، المتابعون الوحيدون على الصفحة، بسذاجة (منور وأحلى أبو فلان)، ويُوزع صوره على الصفحات، لتبدأ تعليقات الشكاوى من النساء رغبة في التحقيق معهن من قبل العقيد الوسيم.

حسب غيلان غبرة مذيع سوريا إف إم في لقاء مع العقيد نفسه، هو نفسه تم شحطه إلى الفرع، لم يبقَ صاحب بوست من الإعلاميين لم يزر الفرع، فأعظم إنجازات الفرع المذكور تجلّت بإغلاق الكثير من الحسابات الوهمية «للإرهابيين»، وشحط الإعلاميين والصحفيين وأصحاب الرأي بسبب بوست على الفيس بوك أو حالة على الواتس، ليتساءل عن براءة الاختراع الجديد (فرع الجرائم الالكترونية)، إذ التهمة جاهزة في إضعاف هيبة الدولة التي لم يجد السوريين لها تفسيراً حتى الآن كما تعريف الإرهاب.

ليس للعقيد فوزي (أبو رامي) حضور في الوسط السوري، حتى في مدينته طرطوس قبل 2012. وتسليمه رئاسة الفرع كان لعلاقته بواحدة من نساء القصر الجمهوري، كما قيل وأكدته صحيفة لبنانية، لتخلص إلى القول إن فوزي، على الرغم من تبعيته لوزارة الداخلية، فإن قربه من آل الأسد ومن رجل الأعمال التركي الجنسية (القاتل الهارب) سامر فوز، جعله الآمر الناهي في الفرع وصفحات الفسبكة، وليغدو عمله عبر ذراعه الأيمن أكرم عمران التشهير والإساءة إلى رجال الأعمال المنافسين، أو كل من تريد الدولة السورية تشليحه أمواله ومشاريعه من التجار الذين «نفد كازهم».

نظريات فوزي من مثل «عندما نتكلم عن صفحة فيسبوك لا بد أن نقرأ عن فيسبوك»، و«نحن نكافح الجرائم عابرة القارات، ولا نخشى شيئاً»، لا تختلف عن نظريات النمر في معرفة «العالم» والأسد حول «المؤامرة الكونية».

وفي سبيل الوطن وقائد الوطن «تباح جميع الخطوط الحمراء وتقدم الروح والجسد، والله من وراء القصد»، وهذا ما جعل العقيد يحاسب الجميع ويفرض الرقابة على الانترنيت ويتجسس عليهم فـ«فشة الخلق» صارت جريمة، أما فيما يخص هيبة الدولة فالعقوبة تتراوح من 20 إلى 500 ألف ليرة سورية، لتجيبه صفحة «سيادتو» على الفيس بوك «نشكر الله أننا لسنا من تلك الصفحات، ولانجيب سيرة السيد الرئيس بالعاطل، وإلا كان المراسل حيدر-كما أسمته الصفحة- سكّرلنا الصفحة بالسكّارة تبعه».

على الرغم من تأسيس الفرع في عام 2012، إلّا أن ظهوره كان في السنة الماضية، من خلال العقيد المهندس الذي زار معظم القنوات التلفزيونية والإذاعية، وتصدر عناوين الجرائد الرسمية والمواقع الالكترونية الموالية، ليقدم للجميع نصائحه في هذا المجال، والتي اقتصرت في كل مرة على (تغيير كلمات السر، واختيارها لتكون كلمات صعبة، وعدم الدخول إلى التطبيقات)، فسوريا أمام مرحلة صعبة يجب على جهود الجميع أن تتضافر لصد المؤامرة التي تمثل صفحات التواصل الاجتماعي أهم أركانها.