الطبقة: النتيجة المحسومة في معركة طويلة
(115) من المدنيين قتلتهم الغارات والمدفعية وأعمال القنص، و(650) داعشي يقاتل في الطبقة

خريطة توضح أماكن السيطرة بتاريخ 21 نسيان - من موقع liveuamap

أكملت «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، في الأسبوع الأول من هذا الشهر، حصارها لمدينة الطبقة، بسيطرتها على قرية ومزرعة الصفصافة -5 كم شرق الطبقة- بعد انسحاب داعش منها. وبهذا الحصار ترتسم ملامح المعركة القادمة بأنها ستكون طويلة وشاقة على طرفي الصراع، وأليمة جداً على السكان العالقين بينهما.

شكّل الإنزال الذي نفذته قوات سوريا الديمقراطية -مدعومة بقوات أميركية خاصة- على قرية أبو هريرة وموقع الكرين على الضفة الجنوبية لبحيرة سد الفرات، يوم (22) من آذار الماضي، مفاجأة قاسية على تنظيم داعش أدت إلى تقهقره السريع نسبياً عن المطار والقرى المجاورة له جنوبي الطبقة، ثم عن الصفصافة والقرى الأخرى من الشرق، لينقطع طريق الرقة الطبقة، آخر الطرق المفتوحة أمام التنظيم. وبالرغم من نجاح داعش في الاحتفاظ بسد الفرات حتى الآن إلا أن سيطرة قسد النارية على مدخله الشمالي، وسيطرتها الفعلية على شريط القرى المقابلة في الضفة الشمالية للنهر وقبلها للبحيرة، يقلص من المنافع العملية لهذا النجاح. مع استبعاد ما تناولته شائعات في الشهر الماضي حول تفخيخ السد ثم تفجيره في وقت ما من قبل التنظيم، في خطوة عبثية ومجنونة، لن يقدم عليها بطبيعة الحال، لأنها ستربكه وتزعزع من سلطته في الأجزاء الخاضعة لسيطرته في وادي الفرات.

تفتقد داعش القدرة على شن هجوم من خارج الطبقة لخرق الحصار، ولا تستطيع تعزيز مواقعها بما يكفي من مقاتلين وعتاد في محيطه الواسع لوقف تمدد قسد أو مشاغلتها من الخارج، ما يترك مقاتليها المحاصرين داخل المدينة وحدهم أمام قوات المهاجمين المعدودة بالآلاف، تسندهم الآلة العسكرية الأميركية من طيران ومدفعية وأسلحة فعالة أخرى. وتذهب تقديرات منقولة عن مصادر خاصة إلى أن عدد عناصر داعش في مدينة الطبقة لا يزيدون على (650)، مائة منهم جاؤوا من جهاز الحسبة وأجهزة داعش الأخرى شبه المنحلة، ومئتين أخريين لا تزيد أعمارهم عن (18) عاماً، ينتشرون على خطوط دفاع متتالية حول مركز المدينة من جهات الشرق والغرب والجنوب. وإن صحت الأنباء بحفر داعش شبكة أنفاق دفاعية ولوجستية عملت على تجهيزها في الأشهر الأخيرة، فإن هذا سيرفع من قدرتها على المقاومة في مساحة (30) كم2 أو أقل، الآخذة في التآكل، ومن قدرتها على إلحاق خسائر في صفوف الطرف الآخر. وحسب ما يبدو تتبع داعش في الطبقة التكتيك ذاته الذي اتبعته في معارك مدن سابقة، وهو إشغال خصمها وإلحاق الخسائر به لأعلى درجة وبأطول مدة ممكنة على الأطراف، ثم القتال حتى الموت من بناء إلى آخر في المركز، حين يتراجع تأثير الطيران وتزيد فعالية التفخيخ السابق والعمليات الانتحارية والقنص في الاشتباكات القريبة داخل المدينة. ومع اقتراب المعارك من المدينة حيث الكثافة المعمارية والسكانية الأعلى من الأطراف، بوجود أكثر من (25) ألف نسمة، سترتفع أعداد الضحايا في صفوفهم، ما قد يؤثر في سير العمليات، إن أرد المهاجمون تجنب تكرار «أخطاء» قريبة أودت بحياة أكثر من (115) شخصاً من الأبرياء في مدينة الطبقة وما حولها، سقطوا بالغارات الجوية أو بالقصف المدفعي أو بعمليات القنص العشوائي خلال الشهر الأخير حسب ما وثق نشطاء حقوقيون. ولكن مهما طالت معركة الطبقة، أسابيع أو أشهراً، فإن نتيجتها تبدو محسومة بهزيمة داعش بناء على فارق القوة بين الطرفين.

يحقق المهاجمون هدفين من حصارهم الطبقة؛ الأول حرمان داعش من أهم مواقع ارتكازها الدفاعية في ريف الرقة الغربي، مما يسهل على المهاجمين الامتداد في سلسلة القرى والبلدات على ضفة الفرات الجنوبية نحو مدينة الرقة، والثاني هدف معنوي يتمثل في انكشاف عجز داعش أمام مخطط حصار قادم قد يفرض على مدينة الرقة.