افتتاحية العدد 92

هل حانت نهاية الأسد؟!

كانت الشهور الماضية تسير على ما يرام بالنسبة إلى بشار الأسد، فالميليشيات متعددة الجنسيات التي تدافع عن بقاء كرسيه تحقق انتصاراتها الدموية على قوى الثورة المنهكة، ومن لم يرضخ بالأرض المحروقة غلبه الجوع فهادن وخرج إلى إدلب.

أما العالم فقد تراخى غضبه من وحشية النظام بتكرار المناورات، نتيجة اندفاعات غير مثمرة من هذا الغضب، كانت تدخل في متاهات الحل السياسي المزعوم وتضيع بين جنيف وأثينا والأستانة والموفدين الدوليين، وتباطؤ كل ذلك فيما عدّاد الموتى مستمر وفي تزايد، حتى أصاب العالم ما يشبه التطبيع مع دم السوريين الذي لم يعد يثير إلا الأسف غير المجدي.

ربما استاء كثيرون من أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب جاء من خارج نادي الاحتراف السياسي، غير أن هذا ما نفعنا هذه المرّة. فالرجل الذي يعرف عن سورية أقل مما ينبغي بكثير، إلى درجة أنه استغرب الإصرار اللفظي لإدارة سلفه أوباما على رفض استمرار بشار الأسد في الحكم؛ استيقظ يوماً ليشاهد عينة مما فعله طيران الأسد الكيماوي في مدينة خان شيخون. وبعيون لم تروّضها برودة أوباما وتلاعبات حماة الأسد من عتاة المجرمين/المفاوضين الإيرانيين والروس، قرر الرجل أن هذا مريع، وأن فاعله «حيوان».

إدارة ترامب، التي كانت تصرّح قبل أيام قليلة أن ليس من أولوياتها إزاحة الأسد، أخذت تتصدر اليوم حمى من التصريحات حول ضرورة معاقبة النظام وتحذّر داعميه من الاستمرار. وإذا كانت روسيا بوتين محل تقدير ترامب وحساباته الإيجابية، فإن تقليم نفوذ طهران هو من أبرز محددات سياسته في الشرق الأوسط. وحتى لو لم تستفز وحشية الأسد ترامب فإن دور بشار على أجندة الرئيس الأميركي كان سيأتي بعد تقليص قدرات حلفائه الإيرانيين وميليشياتهم التي لا تنظر إليها الإدارة الأميركية على أنها أفضل بكثير من داعش.

في الخلاصة، يبدو أن المشهد المريع لآلام السوريين، والذي مدّده محور الغطرسة العالمي لسنوات وسط استعصاء المجتمع الدولي عن الفعل؛ يبدو أنه سينتهي أخيراً. وربما اقتربت ساعة استخراج آمالنا الزاهية في 2011 من كهوفها المعتمة والمجللة بالدم، والتفكير في كيفية بناء البلاد من جديد بعد كابوس بشار الأسد ومؤيديه في الداخل والخارج.