الاستعانة بالشيطان!
لمرّاتٍ لا تحصى، عبّر سوريون عن استعدادهم للتعاون مع «الشيطان» للخلاص من الإجرام المتفاقم لنظام الأسد. وبالفعل، جاءهم الشيطان جنيناً أسود ما لبث أن تطاول وامتدّ حتى غدا غولاً يهدّد بخنق الثورة وإهلاك الحرث والنسل.
وها هو الآن، في دير الزور، يحاصر الأحياء التي ما زالت تحت سيطرة النظام من المدينة، مانعاً الطعام والدواء والاتصالات عن أكثر من ربع مليون شخص، تتدهور شروط معاشهم بشكلٍ مخيفٍ وسرعةٍ كبيرة، بحجّة أنهم مرتدّون موالون للأسد، لمجرّد بقائهم في مناطق حكمه.
ورغم أن نظام بشار هو من سنّ سنّة حصار «الجوع أو الركوع»، في حمص وريف دمشق وسواها؛ إلا أن داعش لا تحتاج إلى «قدوةٍ» في جرائم العقاب الجماعيّ أو الفرديّ، وتأبى إلا أن يكون لها فيهما مقام الصدارة. إذ منعت خروج المحاصرين من هذه المناطق، مغلقةً أمامهم باب «التوبة» من الردّة المفترضة حتى!
والآن، ماذا يمكن أن نتوقع من هؤلاء الأهالي، الذين بدأوا يخافون من الجوع الحقيقيّ، إلا أن يتمنوا، مرغمين وكارهين، أن تتمكن القوّات الموجودة للنظام وشبّيحته من إعادة فتح الطريق، واستعادته من أرواح الشهداء الذين حرّروه قبل أن توجد داعش في المحافظة أصلاً!
وماذا يمكن أن يتمنى نشطاء المدينة، المهجّرين عنها قسراً، والذين يعزّ عليهم أيّ رصيدٍ قد يسجّل لقوّات عصام زهر الدين؛ سوى جسرٍ جوّيٍّ من المساعدات الغذائية الدولية، تنقله طائرات النظام! أي الاستعانة بالشيطان مرّةً أخرى!