اقتصاد الثورة
تعيدُ المشـــكلات الــتي تتعــرّض لها إحدى المنظمات الإغاثيّة والخدميّة الرئيسيّة للمعارضة السياسيّة، والاتهامات التي صاحبت إضراب عددٍ من العاملين فيها؛ الحديثَ عن الفساد والهدر وسوء الإدارة الماليّة إلى الواجهة.
ودون الدخول في التفاصيل، التي هي الآن قيد البحث من قبل لجنةٍ خاصّة، فإن في شؤوننا الاقتصاديّة الكثير مما ينبغي أن يقال. فمن حيث المبدأ يمكننا أن نلاحظ بسهولةٍ ان انتقالنا من الوضع الاقتصاديّ المضبوط في ظلّ النظام إلى اقتصادٍ طارئٍ يشبه اقتصاد الحرب، لم يصاحبه ما يجب أن يتّسم به هذا الحال الاستثنائيّ، من تقشّفٍ وحرصٍ على الإدارة الأمثل للموارد الشحيحة، بل جاء «اقتصادنا» كما سياستنا، وكما حربنا؛ كما نحن، فوضويّاً ومتقلّباً وفرديّ الغاية. بدءاً من هدر الذخيرة وانتهاءً بالمؤتمرات والندوات، مروراً بفاتورةٍ طويلةٍ من النشاطات غير المجدية على مختلف الصعد.
وبما أن الثورة لا تستند إلى موارد ثابتة ومستمرّة، فإن هذا السلوك يخرج من كونه عبث مراهقين طائشين، سواء كبر عمرهم أم صغر، إلى أن يكون خطيئةً قد تؤدّي هنا أو هناك إلى جوع أناسٍ، أو استشهاد آخرين.
وإذا كان من المستبعد أن يكون في صفوف الثوّار عددٌ كبيرٌ من المختلسين واللصوص، لا لموانع أخلاقيّةٍ فقط، بل لأن عيون الكلّ على الكلّ، ولأن الحديث عن الفساد المالي حديثٌ أثيرٌ على قلوب السوريين؛ فإن الوقوع في الهدر وسوء توزيع الموارد أمرٌ لا يقلّ خطورةً من حيث النتيجة... فلنحاسب.