أول الأهداف التي أحرزتها الثورة السورية في مرمى النظام كانت الصورة، أو الإعلام. وتلاحقت الأهداف، لتكرس وبجدارة تفوق الثورة أخلاقياً على السلطة الحاكمة. وكما هو معلوم، أفلست آلة الدعاية الأسدية في خلق إطار منطقي يوفق بين التبريرات الحمقاء التي ساقتها وتسوقها إلى الآن في محاولتها لتبرئة السلطة وإثبات شرعيتها من دون جدوى، فعدسات الناشطين التي تلاحق المجازر المتنقلة على امتداد الارض السورية، لم تترك مجالاً منطقياً لأحد أن يتعاطف مع بشار وزمرته ومؤيديه، فكلهم شبيحة، يفتخرون بذلك علناً. والشبيح أصلاً، وفق القاموس السوري قبل الثورة، مجرم. ولم يعد خلال الثورة إنساناً. وعجيب كل العجب أن يظهر من يدافع عن قطيع القتلة الشبيحة هذا، أو يتفهمهم من خلال تطبيع التعاطي في شأنهم، بسلة أدوات تبدأ بالثقافة وتنتهي بالنفاق.
هي حرب فعلاً، لكنها ليست أهلية، فلا يتقاتل الأهل هكذا، بتعليق رؤوس أطفال بانياس على سيف يسمى "ذو الفقار" في استعارة تخلط الخرافة بالعنصرية بالإجرام، تجتمع كلها في رأس الشبيح ووجدانه، وتنعكس في سلوكه ذبحاً وحرقاً واغتصاباً. وعلى العاقل، إن بقي في مجتمعات الشبيحة عقلاء، أن يسأل نفسه أولاً: هل ما زلنا فصيلة تنتمي الى الجنس البشري؟ قبل أن يقول: نحن جزء من الوطن.
ولكنهم كذلك بالفعل، جزء من هذه الخريطة المسماة سورية. ولكن من قال إن خرائط البلدان لا تتلوث في بعض أجزائها لقليل أو كثير من السنوات؟
الآن، هذا هو المشهد في كله، رغم ما أضافته الغارة الإسرائيلية من أبعاد تبدو لكثير من السوريين مقلقة للغاية.