إحباطٌ آخر للأسد بُعيد تصريح كيري وأعضاء الكونغرس الأمريكيّ يحذّرون طهران ويحرجون أوباما

لم تدم فرحة وسائل إعلام النظام بالتصريح الملتبس لوزير الخارجية الامريكيّ، جون كيري، بضرورة التفاوض مع بشار الأسد، لوقتٍ طويل. إذ سرعان ما أعادت تفسيراتٌ أمريكيةٌ لاحقةٌ للتصريح الأمور إلى نصابها المعهود بخروج الأسد من صيغة أيّ حلٍّ مستقبليّ. فقالت الناطقة باسم الخارجية الأمريكية، جينيفير بساكي، إن "الأسد ذاته لن يكون طرفاً في أيّ عملية تفاوض"، وإن الوزير كيري لم يقصد ذلك، "إنما استخدم الأسد كمختصرٍ" للنظام بكامله. وأكدت بساكي على مواقف أمريكيةٍ سابقةٍ حول التفاوض بين المعارضة والنظام، مذكرةً ببديهية أنه "لا يمكن أن يتفاوض المرء مع نفسه. ثمة حاجةٌ في الوقت عينه للمعارضة وللنظام حول الطاولة". ونبّهت إلى أنه "ليست هناك أية عملية تفاوضٍ قائمةٍ ولا على وشك الحدوث". وإلى جانب التلقف الفرح لنظام بشار الأسد لعبارة كيري، برزت المواقف الحازمة من عواصم غربيةٍ عبّرت عن الموقف الرافض لأيّ دورٍ لبشار في أيّ حلٍّ قادم؛ إذ قال وزير الخارجية الفرنسيّ، لوران فابيوس، إن "الأسد لا يمكن أن يكون جزءاً من الحلّ في سوريا"، وقالت الخارجية البريطانية إن لندن "ترفض أيّ دورٍ للأسد في مستقبل سوريا".

خوجة في باريس

استقبل الرئيس الفرنسيّ، فرانسوا هولاند، وفد المعارضة السورية برئاسة خالد خوجة، رئيس الائتلاف الوطنيّ، ومشاركة رئيس الحكومة المؤقتة ووزير دفاعها وشخصياتٍ معارضةٍ أخرى. وأكد خوجة في مؤتمرٍ صحفيٍّ عقب لقائه بهولاند أن إسقاط بشار الأسد هو الهدف النهائيّ لأية عملية تفاوض، وأنه من غير الممكن "حلّ مسألة الإرهاب دون إزالة الأسد". وفي تصريحاتٍ سابقةٍ خلال الزيارة قال خوجة إن مبادئ جنيف1 هي الأساس الذي يجب أن تقوم عليه أية عملية تفاوضٍ مستقبليةٍ. وأبدى خوجة استعداده للتفاوض مع ممثلين عن النظام للحفاظ على "استمرارية الدولة وحماية المؤسسات والجيش والوزارات"، مميزاً بين الإطاحة بالنظام وانهيار الدولة. وفي باريس أيضاً التقى خوجة بالمبعوث الأمميّ ستيفان دي مستورا، وأشاد بجهوده ومحاولاته لفعل شيءٍ ما في مهمته الصعبة، "لكن ما يريده السوريون هو وقف حمام الدم ووقف المجازر". وانتقد خوجة تلكؤ المجتمع الدوليّ وتقاعسه عن تخفيف معاناة السوريين، وخاصّةً موقف أصدقاء سورية المتفرّجين على جرائم النظام ثم على جرائم داعش: "اكتفى حلفاؤنا للأسف بالوقوف وقفة المتفرّج، وها نحن اليوم أمام تنظيم داعش أفظع منظمةٍ إرهابيةٍ في التاريخ". وأشار إلى وقوف الثورة والمعارضة السورية وحيدةً أمام الأسد وداعش: "لم يدعمونا أمام ظهور هذا الوحش. ولدينا الآن قوّات الأسد التي تقصفنا بالبراميل المتفجرة من الجوّ، ومتطرّفو تنظيم داعش الذين يقتلوننا على الأرض".

الكونغرس يحذّر طهران

في تطورٍ لافتٍ في سياق مفاوضات الأسرة الدولية، بقيادة الولايات المتحدة، مع النظام الإيرانيّ حول برنامجه النوويّ، وجه أعضاءٌ من الكونغرس الأمريكي رسالةً مفتوحةً إلى القادة الإيرانيين. وحملت الرسالة، التي وقع عليها السيناتور الجمهوري توم كوتون و46 عضواً جمهورياً في الكونغرس، تحذيراتٍ لقادة طهران بأن الكونغرس وحده يملك سلطة رفع العقوبات المفروضة على إيران، وبأن الرئيس المقبل –المرجّح أن يكون متشدّداً مع طهران- يمكن أن يُبطل، و"بجرّة قلمٍ"، أيّ اتفاقٍ غير مرضٍ قد يبرمه الرئيس الحاليّ، في تلميحٍ إلى صلاحيات أوباما التي تتيح له تعليق العقوبات. وأثارت الرسالة ردود فعلٍ غاضبةً من أركان الإدارة الأمريكية، فاتهم نائب الرئيس، جو بايدن، الأعضاء الجمهوريين بمحاولة تقويض سلطة الرئيس في منتصف مفاوضاتٍ دوليةٍ حسّاسة، وعلق المتحدّث باسم البيت الأبيض، جوش إيرنست، على رسالة الجمهوريين معتبراً إياها "جهداً منحازاً يهدف إلى إضعاف قدرة الرئيس على قيادة السياسة الخارجية". وجاء الردّ الإيرانيّ مشككاً بالنوايا الأمريكية، وملمّحاً إلى تأثيرات إسرائيل، وقال إن "الحكومة الأميركية تدّعي خطأً إدارة شؤون العالم، وتتصوّر أنها تمتلك قوّةً كافيةً، لكنها تعاني من سقوط الأخلاق السياسية"، بحسب تصريح علي لاريجاني، رئيس مجلس الشورى الإيرانيّ.