- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
هواجس الاستيلاء على الممتلكات.. قطار القانون رقم 10 ينطلق ويضع المهاجرين في حيرة
مع إحداث منطقة تنظيم مدخل دمشق الشمالي، يعيش العديد من المهاجرين السوريين في دول الشتات في حيرة من أمرهم بشأن قرار العودة لحفظ ممتلكاتهم من الضياع، إذ يتقلبون بين خيار العودة الخطرة وغير مضمونة النتائج إلى بلادهم وخيار الوقوف مكتوفي الأيدي، في الوقت الذي استسلم فيه غالبية النازحين والمهجرين منذ وقت طويل لواقع استيلاء "قوانين التطوير العقاري" وقوانين "المناطق التنظيمية" أو أتباع النظام على كل ما تركوه خلفهم.
ضمت منطقة تنظيم مدخل دمشق الشمالي أجزاء من القابون وحرستا على حساب الملاك الأصليين، وتعد أولى خطوات التطبيق العملي للقانون رقم 10 القاضي "بإحداث منطقة تنظيمية أو أكثر ضمن المخطط العام للوحدات الإدارية"، إضافة إلى عشرات القوانين والمراسيم التشريعية التي وضعها النظام السوري في السنوات الفائتة بدعوى التطوير العقاري، وتمهد لبسط سلطة النظام وأمراء الحرب على أملاك المنتفضين في وجهه، وقد شكلت مفرزات المعارك التي اندلعت خلال السنوات الأولى من عمر الثورة في عشرات الجيوب بدمشق وحول العاصمة فرصة ثمينة لذلك.
يؤكد مهجرون من دمشق وريفها قيام النظام بالاستيلاء على منازلهم بعد إلقاء الحجز عليها، بينما يشير بعضهم إلى تدمير منازلهم بشكل كامل ومتعمد من قبل النظام لإلحاقها بالأراضي التي تنتشر عليها القطع العسكرية، كما جرى في منطقة الخليج بداريا التي ألحقت بشكل كامل بمطار المزة العسكري.
تخلى المهجرون وبقية المعارضين للنظام السوري عن المهلة الزمنية التي وضعها النظام لسكان تلك المناطق لإثبات ملكياتهم، كون خيار العودة إلى مناطق سيطرة النظام تعد بمثابة انتحار، نظراً للمصير المعروف الذي ينتظرهم. بينما استولت الحيرة على المهاجرين من تلك المناطق من الشريحة غير المعارضة أو المهجرة قسرياً؛ إذ لا يزال القسم الأكبر منهم يقلبون الآراء حول العودة من عدمها، بينما يعتقد جزء من عدم الراغبين بالعودة بأن حضورهم يوازي عدم الحضور، فيما يسير قطار القانون رقم 10 بخطوات متسارعة نحو استيلاء النظام السوري على عقارات وأراض غاب عنها أصحابها.
يحمل أبو كمال قطع الطوب المهدم بيديه ويرميه في الخارج، وهو يعالج مشاعر القلق على منزله الذي عاد إليه لكن دون أن يتأكد من أن ذلك سيمنع النظام من الاستيلاء عليه. وفيما يبدو الخمسيني الذي عاد مجدداً إلى منزله الأصلي بريف دمشق منهمكاً في عمليات إصلاح المنزل، تقوم زوجته بغلي الشاي على موقد الحطب.
يمثل أبو كمال شريحة من السوريين العائدين إلى منازلهم، ويبدو أنها قابلة للتوسع مع البدء بوضع القانون رقم 10 سيء الصيت قيد التنفيذ.
تساور السكان العائدين مشاعر القلق على ممتلكاتهم، ويمتزج الحنين إلى الأرض بالرغبة في الحفاظ عليها. كان جل تفكير أبو كمال سابقاً محصوراً بأولاده الذكور المطلوبين للخدمة العسكرية الإجبارية، لكن "الحفاظ على منزل العائلة بات الهم الأكبر" بحسب ما يؤكد لعين المدينة.
وعلى الرغم من أن عشرات السكان فضلوا العودة إلى منازلهم بدمشق وريفها مدفوعين بالرغبة في تثبيت ملكيتهم في حال تم تطبيق القوانين الصادرة خلال السنوات السابقة والتي تتعلق بالملكية وإحداث مناطق تنظيمية ومناطق تطوير عقاري، إلا أن هناك شكوكاً تتعلق بمدى نجاح هؤلاء في المحافظة على عقاراتهم، لاسيما الواقعة ضمن منطقة المرسوم 66 والتي تشمل أجزاء من داريا، القدم، المزة، كفرسوسة، أو ضمن أجزاء من القابون وحرستا التي تشهد حاليا خطوات متسارعة لتنفيذ المرسوم 237 الصادر في 14 أيلول 2021 الخاص بإحداث منطقة تنظيم مدخل دمشق الشمالي.
ويمكن تصنيف المرسوم المتعلق بإحداث منطقة تنظيم المدخل الشمالي لدمشق ضمن سياق التطبيق الفعلي للمرة الأولى للقانون رقم 10 للعام 2018 القاضي بجواز إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر ضمن المخطط التنظيمي العام للوحدات الإدارية.
في هذا الصدد يشير موقع سيريا ريبورت إلى أن محافظة دمشق شكلت في تشرين الأول 2021، أربع لجان مختصة في حصر وتوصيف عقارات المنطقة، ولا يتم انتخاب ممثلين عن أصحاب الحقوق إلى تلك اللجان بموجب القانون 10. وقد منحت المحافظة أصحاب الحقوق في المنطقة مهلة سنة كاملة ابتداء من 24 تشرين الأول 2021، لتقديم إثباتات بحقوقهم إلى مديرية المرسوم 66.
يشير عدنان أحد العائدين إلى دمشق بعد سنوات قضاها في مصر إلى أنه سمع عن أن القانون رقم 10 ينص على إثبات ملكية العقار في حال تم إحداث مناطق تنظيمية، الأمر الذي حفزه على العودة: "طالما أنني أعيش في الخارج ففرص خسارة منزلي ستكون أكبر.. أرسلت أولادي إلى ليبيا للعمل، وعدت إلى منزلي مع زوجتي فقط".
ويتابع متحدثاً لعين المدينة "قمت بداية بإجراء فيش أمني لأطمئن على عدم اعتقالي كون أبنائي الشبان من المتخلفين عن الجيش، بعدها حصلت على موافقة أمنية لدخول منزلي. لا يزال المنزل مهدماً وتنقصه إصلاحات كثيرة، لكن المهم أن أتمكن من المحافظة عليه".
مثل عدنان حضر مازن من الأردن إلى دمشق بغية إثبات ملكية عقاره في منطقة المرسوم 66 التي تشمل أجزاء من دمشق وريفها، وذلك بعد سماعه عن البدء الفعلي بتنفيذ ما يعرف بمنطقة باسيليا سيتي. يقول لعين المدينة "قمت في البداية برفع دعوى إثبات ملكية لعقاري الواقع ضمن المنطقة التنظيمية، وذلك كي أحصل على أسهم فيها".
لرفع الدعوى ومتابعة حيثياتها اضطر مازن لدفع مبالغ كبيرة وحضور جلسات عديدة في المحكمة، مع ذلك لن يتمكن من الإقامة الدائمة في منزله، بل سيحصل على أسهم ضمن مشروع باسيليا سيتي الذي لا يزال في مراحله الأولى من الإنشاء.
في السياق يؤكد مازن أنه يعرف ملاك عقارات كثيرين ضمن المنطقة يرغبون في الحضور لإجراء معاملات تثبيت الملكية كي لا يخسروا عقاراتهم، لكن خشيتهم من الأفرع الأمنية يجعلهم يؤجلون ذلك أو يمتنعون نهائياً عن الفكرة.