- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
في ريف دمشق المدمرة.. النظام يمنع ترميم الأبنية تمهيداً لتنفيذ القانون رقم 10
حرم النظام السوري الآلاف من سكان ريف دمشق المدمرة من ترميم أو إصلاح منازلهم بسبب إصراره على تطبيق قرار إزالة الأبنية المخالفة الصادر في العام 2012، كما يواجه السكان عوائق مادية كبيرة تعرقل عمليات الترميم حتى ولو كانت عقاراتهم تقع في مناطق منظمة، تسبب بها الارتفاع الهائل لأسعار لوازم ومواد البناء. فيما يسود الاعتقاد لدى قسم من السكان بأن عملية السرقة الممنهجة سابقاً التي طالت منازلهم، وتشديد النظام على عدم إقامة أبنية في المناطق غير المنظمة التي تشكل نسبة كبيرة من مساحة محافظة ريف دمشق، تمهد لتنفيذ خطة تغيير ديمغرافي موضوعة سابقاً.
يقول أبو لؤي وهو من سكان ريف دمشق لـ"عين المدينة" إن منزله تعرض للهدم عدة مرات، بعد قيامه بتأهيله عبر بناء الجدران المهدمة ونصب سقف لإحدى الغرف التي قصفت بأحد براميل النظام المتفجرة خلال سيطرة فصائل المعارضة. ويضيف بأن بلدية المدينة التي يقيم فيها قامت بهدم جميع ما بناه بحجة أن البناء مخالف كونه مشيداً على منطقة غير منظمة.
بينما يشير "أبو حسن" وهو من ريف دمشق أيضاً، إلى أنه لم يتمكن حتى اللحظة من ترميم وإعادة إكساء منزله المهدم بسبب قصف النظام، والمسروق على يد الشبيحة بعد سيطرتهم على المنطقة. يضيف أبو حسن لـ"عين المدينة"، أن الأكلاف الباهظة للوازم البناء تمنع العشرات ممن يعرفهم من إعادة إكساء بيوتهم ومحلاتهم التجارية في ظل تعرضها سابقاً لسرقة ممنهجة من قبل قوات النظام. "منزلي على سبيل المثال عاد على العظم.. سرق العفش وأثاث المطبخ، وانتزعت الأرضيات وسيراميك الجدران، كما تهدمت بعض الجدران. وكلفة تصليح هذا كله يتجاوز 6 مليون ليرة".
وينص المرسوم التشريعي رقم 40 للعام 2012 الصادر عن رئيس النظام، على إزالة الأبنية المخالفة مهما كان نوعها وموقعها وصفة استثمارها أو استعمالها بالهدم، وترحل الأنقاض على نفقة كل من كانت المخالفة لمصلحته. كما يفرض غرامة مالية من ألفي ليرة سورية إلى عشرة آلاف ليرة سورية، عن كل متر مربع على كل من تثبت مسؤوليته عن المخالفة، إضافة إلى حبس كل من تثبت مسؤوليته من ثلاثة أشهر إلى سنة.
وحدد المرسوم المخالفة بأن يكون البناء متجاوزاً على الطرق، الساحات، الحدائق، المشيدات العامة. أو متجاوزاً على الوجائب الإجبارية أو الارتفاع المحددين في نظام ضابطة البناء النافذ بنسبة تزيد على 1 بالمئة منهما، أو واقعاً على الأملاك العامة أو أملاك الدولة أو الأملاك الخاصة للدولة أو أملاك الوحدة الإدارية ضمن الحدود الإدارية أو خارجها، أو واقعاً ضمن المناطق الصادر بها صك استملاك، أو مناطق التنظيم التي لم يتم الانتهاء من إعمال توزيع المقاسم فيها على أصحاب الحقوق وتسجيلها لدى الدوائر العقارية، أو المناطق الممنوع البناء عليها بموجب الأنظمة والقوانين الخاصة بذلك، أو واقعاً خارج المخططات التنظيمية ومتعارضاً مع أنظمة البناء الخاصة بها والمنصوص عليها في القوانين والأنظمة النافذة.
يمكن ملاحظة أن تشديد النظام على هدم وإزالة البناء المخالف يأتي عقب إصداره القانون رقم 10 لعام 2018، والذي يقضي بالسماح بإنشاء مناطق تنظيمية في جميع أنحاء سوريا.
والخطير في القانون الذي أثار جدلاً واسعاً حين صدوره، أنه يخول النظام وضع يده على ممتلكات السوريين في الخارج، الذين سيتم إبلاغهم بضرورة إثبات ملكيتهم خلال 30 يوماً من صدور المرسوم الخاص بمنطقتهم. وفي حال عدم قيامهم بذلك، لن يتم تعويضهم، وستعود ملكية العقار إلى البلدة أو الناحية أو المدينة الواقع فيها العقار.
لذلك يعتقد عدد من السكان الذين تحدثوا لـ"عين المدينة"، أن التشديد غير المسبوق على هدم الأبنية المخالفة يصب في سياق إحداث مخططات تنظيمية جديدة من شأنها إحداث تغيير ديمغرافي يشمل مناطق عديدة في ريف دمشق، لاسيما تلك التي تعرضت للقصف الممنهج على طول أعوام الثورة.
ويتزامن التشديد في تنفيذ القانون رقم 40 مع رغبة واضحة لدى النظام في عرقلة عودة المزيد من الأهالي نحو مناطق ريف دمشق المدمرة، إذ لم يتم السماح سوى لـ50 ألف شخص من مجمل 300 ألفاً كانوا يعيشون في مدينة داريا بالعودة إليها، مع تشديد أمني والامتناع عن تأهيل معظم أحياء المدينة لجعلها مقبولة للسكن. كما يرفض النظام حتى الآن السماح لأهالي عين الفيجة وبسيمة بالعودة إلى قراهم، في حين تنشط عمليات شراء المنازل في هذه المناطق من قبل جهات طائفية موالية للنظام.
ويلاحظ الباحث في مركز جسور للدراسات خالد التركاوي وجود نقطتين هامتين في لجوء النظام إلى تطبيق مشدد لقرار هدم البناء المخالف؛ الأولى تتعلق بالسعي لتطبيق القانون رقم 10 وما سيبنى عليه من مراسيم، بينما تستهدف النقطة الثانية الضغط على سكان هذه المناطق لإدخالهم ضمن منظومة الفساد الخاصة بالنظام.
ويضيف لـ"عين المدينة"، "يمكن اعتبار هذا الإجراء جزءاً من تغيير ديمغرافي يقوم على زرع مستوطنات طائفية في هذه المناطق، كما حدث سابقاً في أجزاء من المعضمية والمزة ودمر، كما يمكن هنا استحضار نظرية المجتمع المتجانس التي أطلقها رأس النظام قبل سنوات".