- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
فوضى كورونا في الحسكة.. صحة النظام ترسل المسحات إلى دمشق مع المسافرين العابرين!
في الطريق من بيته بمدينة القامشلي، مروراً بمطار المدينة ثم مطار دمشق الدولي، وصولاً إلى مستشفى المجتهد في العاصمة، ظل يؤرجح بيده كيساً يحتوي على ”ترمس“ حافظ حمّله إياه أحد أقربائه العامل في المستشفى الوطني في القامشلي، بعد أن تكفل القريب في المستشفى الوطني بالحجز له على طائرة إليوشن.
فوجىء قريب موظف الصحة بالقرف الذي عامله به موظف الاستقبال في مستشفى المجتهد، عندما طلب منه الابتعاد وأخذ مسافة أمان وترك الكيس على الطاولة، لكنه فهم الأمر حين علم منه أن الترمس الحافظ الذي حمله من المستشفى الوطني في القامشلي يحتوي على مسحات اختبار فيروس كورونا. "لما عرفت انو بالكيس مسحات كورونا، طلعت بسرعة وأنا أسب عليهم بسري".
من طريقة نقل المسحات المأخوذة في الحسكة وإرسالها إلى دمشق للكشف عن فيروس كورونا (كوفيد-19)، يظهر مدى سوء الوضع الطبي والصحي في مناطق سيطرة النظام في الجزيرة السورية، وربما في عموم سوريا، ويتمثل في قلة الإمكانيات والموارد الطبية، لكن الوضع ليس بأفضل منه في مناطق سيطرة "الإدارة الذاتية" بمحافظة الحسكة، أو على المستوى الاجتماعي والوعي الصحي لدى السكان، في ظل وضع أمني واقتصادي خانق، وتشرد أكثر من ستة ملايين شخص في الداخل السوري، ربعهم يعيش في المخيمات.
(جوان) اسم مستعار لطبيب مقيم في إحدى مستشفيات مدينة الحسكة، طلب إخفاء اسمه لأسباب تتعلق بالوضع الأمني وحساسية فيروس كورونا في المجتمع المحلي، أوضح لـ“عين المدينة" أن مستشفيات الحسكة التابعة للنظام تفتقد حتى الآن أجهزة الكشف عن فيروس كورونا (أجهزة PCR)، أما المستشفيات التي تخضع لسيطرة "الإدارة الذاتية"، فهناك جهازان فقط، قدمتهما في وقت سابق حكومة إقليم كردستان العراق، أحدهما في مدينة الحسكة، والثاني في مدينة القامشلي، بالإضافة إلى الأجهزة في المراكز الخاصة في كل من مدينتي عامودا والمالكية.
عدد الإصابات الحقيقية في الحسكة غير معروف، ولا توجد تقديرات تقريبية عنها حسب الطبيب (جوان)، في حين تجاوز عدد الإصابات المسجلة 6478 إصابة حتى يوم الـ19 من شهر تشرين الثاني الجاري، حسب هيئة الصحة في "الإدارة الذاتية"، التي أصدرت بتاريخ 21 الشهر الجاري، قراراً بفرض "حظر كامل في مناطق الحسكة، القامشلي، الطبقة، الرقة" لمدة عشرة أيام بدءاً من 26 من ذات الشهر.
قلَّل الطبيب من نجاعة الإجراءات المزمع اتخاذها قياساً إلى الإجراءات التي طبقت سابقاً وفشلت في الحد من انتشار المرض، "القوانين غير صارمة والناس ما تلتزم.. العالم ميتة من الجوع، وقفت على كورونا! ما في وعي أبداً.. بالسهرات والعزوات والأعراس الناس ماسكة بعض بوس وحضن، كأن كل واحد مو شايف الثاني من عشر سنين.. وتريد الكورونا ما تنتشر!؟".
يعتقد قسم من أهالي الحسكة بعدم وجود المرض. كل ما يتعلق به من إجراءات "لعبة وسخة من الصين وأمريكا وروسيا"، بينما لسان حال قسم من مؤيدي النظام "انتصرنا على المؤامرة الكونية.. معقول ما رح ننتصر على فيروس كورونا؟“، وتتصل هذه الفكرة بتصريحات مسؤولين لدى النظام، مثل وزير الصحة الذي صرح في معرض رده على أخبار انتشار الفيروس في سوريا، بأن "الجيش العربي السوري طهر الكثير من الجراثيم الموجودة على أرض سوريا".
أحد موظفي "الإدارة الذاتية" في مدينة الحسكة، تحدث لـ”عين المدينة“ عن إجراءات الإدارة في المؤسسات التي تديرها وتشرف عليها، بأنها شملت "تست (فحص) سريع" عبر فحص اللعاب عن طريق قصاصات ملونة بالتدريج من الزهري إلى الأزرق، مع الإشارة إلى أن أياً من الدول والمنظمات والهيئات الدولية أو شركات الأدوية لم تعلن عن طرح مثل تلك الآلية التي أجرت بها "الإدارة الذاتية" اختبار الكشف عن كورونا.
منذ انتشار المرض في الحسكة، والمصابون به قد اعتادوا على إخفاء إصابتهم عمن حولهم، خوفاً من نظرة المجتمع المحلي للمصاب. عقبة (30 عاماً متخرج من كلية التربية في جامعة الفرات) قال لـ“عين المدينة“، إن الكثير من الإصابات انتشرت في قريته، ورغم قلة عدد سكانها فقد توفي فيها حتى الآن 4 أشخاص ممن أعمارهم فوق 60 عاماً، لكن أهل القرية كانوا ينظرون إلى المصابين نظرة تُحمِّلهم المسؤولية عن المرض، "وكأن العدوى نقلت إليه بعلاقة جنسية غير شرعية".
حسب عقبة "فالزيارات تكثر إلى المصاب الذي بالمقابل يستقبل زواره ويجالسهم، بسبب تستره على إصابته بفيروس كورونا.. حتى إذا أفصح المصاب عن مرضه، فإن الأهالي يزورونه بسبب (ضغط) العادات والتقاليد، وخوفاً من تناولهم من قبل المجتمع المحلي لتقصيرهم (عن أداء الواجب)".
تباع الكمامات في الصيدليات وعلى الأرصفة بـ500 ليرة سورية للكمامة الواحدة، أي أن عائلة من خمسة أفراد يستبدلون كماماتهم يومياً، سوف تتكلف 2500 ليرة في اليوم ثمناً لها، وهو مبلغ يفوق الأجر اليومي لموظف حكومي، ويساوي أجر عامل حر متوسط المهارة، ربما لذلك السبب يندر مشاهدة من يضعها في الشارع، سوى في الأيام الأولى للحملة العالمية ضد انتشار المرض، حسب من تحدثت إليهم "عين المدينة“، بينما يقتصر استعمالها على مراجعي الدوائر الحكومية التي تُلزمهم القرارات بذلك، رغم عدم التزام موظفي الدوائر ذاتهم بارتدائها، ويشمل التفلُّت من التزام ارتدائها قسماً من الممرضين في المستشفيات أو المستوصفات والنقاط الطبية، ليقتصر ارتداؤها في كافة محافظة الحسكة على الأطباء فقط.
تُجري حواجز "الإدارة الذاتية" المنتشرة عند مداخل المدن فحص الحرارة فقط للداخلين إليها، بينما لا يراعي غالبية المتواجدين في الأماكن العامة قواعد التباعد الاجتماعي لتجنب العدوى. أحد طلاب فرع جامعة الفرات في الحسكة يقول "ما حدا ملتزم لا بكمامة ولا بتباعد بالجامعة، والطلاب وقت المحاضرة يتركون كل القاعة ويقعدون جنب بعض بالمقاعد الأولى"