خلافاتٌ في البيت الأبيض حول تســليح المعارضة الـسورية وروسيا تجدّد المخاوف

أجواءٌ من تراشــــق الاتهامـــــات سادت مراكز القرار السياسيّ الأمريكيّ خلال الأيام الماضية، خاصةً بعد موجةٍ من الانتقادات التي وجهتها دولٌ أوروبية، أهمّها فرنسا، للإدارة الأمريكية بسبب تهاونها في الملف السوري، وعدم توجيهها ضربةً عسكريةً لنظام الأسد، وعدم جدّيتها في تسليح المعارضة المقاتلة في الداخل السوريّ.
في سياق تلك الانتقادات برز صوت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، هيلاري كلينتون، من خلال مذكراتها التي صدرت في كتابٍ مؤخراً، أكدت فيه أنها كانت مقتنعةً بأن تسليح المعارضة السورية هو أفضل الحلول للتصدّي لنظام الأسد، ولكن الرئيس أوباما كان يفضّل عدم التسليح وعدم التدخل.
ومن جانبه هاجم روبرت فورد، السفير الأمريكيّ السابق في دمشق، السياسة الخارجية للبيت الأبيض بشأن سوريا، مؤكداً أنه كان من واجب أمريكا تسليح المعارضة المعتدلة، ولافتاً في حواره مع شبكة تلفزيون "بي بي إس" إلى أنه، ونتيجة تردّد واشنطن، فقد زادت المخاطر التي تتعرّض لها الولايات المتحدة بسبب المتطرفين. وقال فورد إنه لم يعد في مركزٍ يستطيع فيه أن يدافع عن السياسة الأميركية في سوريا، والتي لم تتمكن من معالجة المشكلة. التصريح الذي ردت عليه المتحدثة باسم وزارة الخارجية، التي قالت بأن فورد "مواطنٌ عاديّ"، وله الحقّ في التعبير عن آرائه.
وفي سياقٍ متصلٍ أعلنت سوزان رايس، مستشارة الأمن القوميّ للرئيس الأميركيّ أوباما، في تصريحٍ لشبكة "سي إن إن"، بأن دعماً فتاكاً وغير فتاكٍ تقدّمه الولايات المتحدة حالياً للمعارضة السورية التي وصفتها بالمعتدلة. وبيّنت رايس أن الولايات المتحدة كثفت دعمها للمعارضة المعتدلة مؤخراً، وذلك عقب تأكيداتٍ من الخارجية الأمريكية بأنها تكتفي بتقديم دعمٍ غير فتاكٍ للمعارضة السورية، خوفاً من وقوع الأسلحة بأيدي "مجموعاتٍ إسلامـــــيةٍ متطرفةٍ تنشــــط في صفوف المعارضة".
ولم تلق تصريحات رايس كثيراً من المعارضين في مراكز القرار الأمريكيّ، فقد وقع 19 عضواً فقط من مجلس النواب الأميركيّ رسالةً إلى الرئيس باراك أوباما، طالبوا فيها بعدم منح المعارضة السورية صواريخ "المان باد" المضادة للطائرات، قائلين بأن هناك مخاطر لاستعمال هذه الصواريخ المحمولة "في منطقة حربٍ غير مستقرّة". والمخاطر التي يقصدها النواب هي وقوع تلك الأسلحة "في أيدي الجهاديين"، الذين يريدون "إلحاق الضرر بالولايات المتحدة وحلفائها".
وأمام ذلك فضّلت الخارجية الأمريكية عدم تبيان نوعية الأسلحة التي أمدّت بها قوّات المعارضة السورية، فرفــــــــضت نائبــــة المتــــــحدثة باســــــم الخارجية الأميركـــــــية، ماري هارف،
بيان طبيعة هذه المساعدات، قائلةً "لن نحدّد كل أنواع المساعدات التي نقدّمها للمعارضة المعتدلة، لكن هدفنا من كلّ ما نفعله هو تغيير موازين القوى على الأرض، لدفع النظام إلى العودة إلى طاولــــــة المفاوضات، والحصول على حلٍّ دبلوماسيّ".

مخاوف روسيةٌ جديدة

جدّدت الخارجية الروسية مؤخراً مواقفها الرافضة لأية ضربةٍ عسكريةٍ قالت إنه من المحتمل أن توجهها الولايات المتحدة لسوريا، إذ توقعت مصادر دبلوماسية روسية أن الولايات المتحدة ستوجه الضربة عقب إنهاء نقل وإتلاف الأسلحة الكيماوية السورية.
وفي هذا السياق حذّر وزير الخارجية الروسيّ، سيرجي لافروف، من تقديم واشنطن الدعم لقوات المعارضة السورية سواء بالأسلحة أو بتدريب المقاتلين، معتبراً أن تلك الإجراءات خطرة، وأن تدريب المقاتلين على مضادّات طيرانٍ قد يشكل خطورةً على الطيران المدنيّ ليس في المنطقة فحسب.
وفي سياقٍ متصلٍ أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية مؤخراً أن سفينةً نرويجيةً تحمل السلاح الكيماويّ السوريّ أبحرت إلى فنلندا والولايات المتحدة حيث سيتم تدميرها، فيما لا تزال السفينة الدانماركــــــية "ارك فوتـــــورا" في مكانها بانتظار أن تتــــسلم آخر حمــــولة أسلحةٍ كيمياويةٍ من نظام الأسد.
وقال المدير التنفيذيّ للمنظمة، أحمد أوزمجو، في بيانٍ صادرٍ عنه بخصوص السلاح الكيماويّ السوريّ: "لا نزال نركز جهدنا على آخر كـــمياتٍ من الأسلحة الكيمـــــــياوية الموجودة داخل الأراضــــــي السورية، ونحضّ السلطات السورية على إنجاز تسليمها في أسرع وقت".