خدمات المجلس المحليّ لمدينة دير الزور... تتهاوى

حالةٌ من التراجع الكبير في الخدمات تعيشها محافظة ديرالزور منذ سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية عليها منذ ما يقارب الشهرين. وقد أوقف المجلس المحليّ في المدينة الكثير من مشاريعه معللاً ذلك بتوقف المنظمات والمؤسسات الداعمة عن الاستمرار في التعاون مع المجلس أو مع المنظمات العاملة في المدينة، بسبب سيطرة التنظيم عليها.

عودة أزمة الخبز

"هاي آخر ربطة خبز نوزّعها"؛ جملةٌ سمعها معظم أهالي الأحياء المحرّرة في مدينة دير الزور في آخر أيام مشروع الخبز المجانيّ الذي نفّذه وأشرف عليه المكتب الإغاثيّ في المجلس المحليّ، والذي استمرّ ما يقارب الستة أشهر، ووفّر ربطات خبزٍ مجانيةٍ لقرابة الـ5000 عائلةٍ خمسة أيامٍ في الأسبوع. ويقول القائمون على المشروع إن المنظمة الراعية له توقفت عن دعمه، مما تركهم، وكل المهتمين بالشأن المعيشي للديريين، في حيرةٍ كبيرةٍ وترقبٍ ومخاوف من العودة إلى أيام مأساة فقدان مادة الخبز، والتي يذكرها الأهالي بمرارةٍ شديدة .

النفايــات تغزو شوارع المدينــة من جديد

جولــةٌ صغيرةٌ في الشـوارع الرئيسـية للأحياء المحرّرة ستلاحظ فيها بوضوحٍ عودة أكوام النفايات، مما ينذر بأزمةٍ كبيرةٍ على المستوى الصحيّ، والخوف من انتشار الأوبئة في المدينة المنكوبة. يقول أحد أصحاب المحلات في شارع التكايا وسط المدينة إن الشارع، والمدينة بشكلٍ عامٍّ، كان قد شهد مستوىً مقبولاً جداً من النظافة خلال الأشهر الستة الماضية، وذلك بسبب المجهودات الواضحة لورش النظافة التابعة للمجلس المحليّ.
ولكننا لاحظنا توقف الكثير من العمال وسيارة نقل النفايات عن العمل في الأيام الماضية، مما سبّب هذا التراكم الكبير. وعند استفسارنا عن سبب التوقف بيّن لنا أحد أعضاء المجلس أنهم لم يعودوا قادرين على تغطية نفقات عملية تنظيف الشوارع. وأضاف: علينا الآن ديونٌ كبيرةٌ بسبب عدم قدرتنا على سداد الالتزامات السابقة، خاصةً مع عدم وجود ميزانيةٍ ثابتةٍ للمجلس، واعتماده بشكلٍ كاملٍ على الدعم الذي كانت تقدّمه المنظمات الخارجية، إضافةً إلى بعض المبالغ التي قدمتها الحكومة المؤقتة. وصلت الأمور إلى درجة أننا قمنا بإبلاغ العمال أننا غير قادرين على دفع رواتبهم، وأنهم في حلٍّ من العقود الموقعة معنا، وأن من أراد منهم الاستمرار فعمله سيكون "في سبيل الله" إلى أن نستطيع تأمين دفعاتٍ ماليةٍ جديدةٍ ندفع لهم منها مستحقاتهم .

وداعاً للوجبات المجانية

وفي استمرارٍ لحالة التدهور التي تعيشها الخدمات في المدينة أوقف المجلس المحليّ مطبخه المجانيّ، لأسباب مالية أيضاً. هذا المطبخ الذي كان يغطي احتياجات ما يقارب الـ400 عائلةٍ بشكلٍ يوميّ، تُوزّع عليهم الوجبات في ثلاث نقاطٍ، أصبح من الماضي؛ بهذه الكلمات الحزينة بدأ أحد القائمين على المطبخ حديثه. وأكمل يقول: حالنا حال أغلب مشاريع المجلس التي توقفت ووصل بعضها الى حالة المديونية والعجز، لعدم وجود أيّة جهةٍ في نيتها الاستمرار في دعم المجلس، مما أرغمنا على إيقاف المطبخ مع معرفتنا للأهمية الكبيرة التي يمثلها للأهالي المستفيدين منه. ولكن، وكما قال: "الله غالب".

لا تزال أبواب المدارس مغلقة

طلاب دير الزور وأهاليهم يعيشون حالةً من الحيرة والضياع مع اقتراب العام الدراسي الجديد. فأمر افتتاح المدارس في المدينة، ومنذ دخول تنظيم الدولة الاسلامية إليها، لم يُحسم بعد. ويحاول القائمون على العملية التعليمية، والذين يمثلهم المكتب التربويّ التابع للمجلس المحليّ، التفاهم مع قيادات التنظيم للوصول إلى حلٍّ لهذه المسألة. وإضافةً إلى هذا الأمر، لا يجد العاملون في المجال التربويّ أجوبةً لأسئلةٍ تتزاحم في أذهانهم عن كيفية تأمين القرطاسية والكتب المدرسية، ومشكلة إيجاد كادرٍ تدريسيٍّ مختصٍّ وتأمين رواتب معقولةٍ لهم. وكان العام الدراسيّ الماضي قد شهد نجاحاً باهراً تمثل في افتتاح 12 مدرسةً لمختلف المراحل التعليمية، كما شهد نجاحاً في إدارة العملية الامتحانية للشهادتين تمّت على مستوى المحافظة. ويترقب الأهالي الأيام القادمة بأمل افتتاح عامٍ دراسيٍّ جديدٍ بلا منغصات، وإلا فإنهم سيضطرّون إلى النزوح مرةً أخرى بحثاً عن مكانٍ لتعليم أبنائهم، أو أن يتركوهم بلا مدارس تحفظ لهم ما تبقى من حقوق.