جنيف2... مصّاصو الدماء بصورة مفاوضين العدميّة السياسية لدى النظام السوريّ وأسلوب خلق العراقيل

هيئة التحرير

10 أيامٍ خُصّصت كاستراحةٍ للوفدين المتفاوضين في مؤتمر جنيف2، بعد أيامٍ كان الجهد الأوضح فيها منصباً تجاه إجراء الحوارات التلفزيونية والإذاعية وعقد المؤتمرات الصحفية، التي تؤكد ما قاله المبعوث الدوليّ إلى سورية الأخضر الإبراهيميّ، من أنه لم يتم تحقيق تقدمٍ يذكر، وما زالت الهوة بين الطرفين كبيرة.
ظهر جلّ التباعد في الرأي والمواقف في ما قاله أعضاء وفد النظام في أكثر من حوارٍ صحفيٍّ على هامش المؤتمر، يوضحون من خلاله أنهم لم يأتوا للتفاوض:
ـ وليد المعلم: "لمناقشــــــــة موضــــــوع هيئة الحكم الانتقاليّ يجب أن تُعرف هوية الطرف الآخر، أهو سوريٌّ أم لا".
ـ بثينة شعبان: نحن جئنا لإيقاف الإرهاب، وهم جاؤوا لاستلام كرسيّ الحكم.
ـ فيصل المقداد: "الائتلاف المسمّى المعارضة غير مسؤولٍ وكاذبٌ ولا يمون على أي شيء... المعارضة تدعم الإرهاب في سورية وتدعم إسرائيل".
ـ عمران الزعبي: "لن يحصلوا على أيّ تنازلٍ لم تستطع إسرائيل أن تحصل عليه طوال نصف قرن".
ـ بشار الجعفري: "إن هؤلاء الذين هم وراء أعمال الإرهاب في سورية يجب أن يختاروا بين أن يكونوا رجال إطفاءٍ أو من مشعلي الحرائق".
ـ لونا الشبل: "من ريما فليحان؟".

منطلقات وفد النظام النظرية:

يتضـــــــح من خـــــــلال مجــــمل الجلسات، التي أعقبتها مؤتمراتٌ صحفيةٌ من الوفدين ومن الإبراهيمي، أن وفد النظام يضع جملةً من العراقيل قبل الوصول إلى نقاش النقاط الأساسية، وهي "هوية الطرف المعارض ـ محاربة الإرهاب ـ ترتيب الأولويات". وقد ركّز أعضاء الوفد في مجمل خطاباتهم وتصريحاتهم على الاستخفاف الواضح بالطرف الآخر، والانطلاق من جملةٍ مفادها أن هذا الطرف لا يعبّر عن المعارضة السورية، إذ شدّد جميع أعضاء وفد النظام على أنه قبل البدء بالمفاوضات يجب أن نعرف "من هؤلاء الذين يفاوضوننا"، متهمينهم بعدم التأثير على الداخل السوري، وعدم قدرتهم على اتخاذ قرارات، ووجود إشكالاتٍ فيما بينهم، وتبعيتهم للادارة الأمريكية.
بينما كانت العقبة الثانية التي وضعها وفد النظام هي "الإرهاب"، حين ركز جميع أعضاء الوفد على أن إيقاف الإرهاب في سورية هو الأولوية الأولى، متهمين وفد الائتلاف بأنه طرفٌ إرهابيّ، بالتعاون مع الكثير من الدول التي حضرت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، دون الخوض في تفاصيل هذا الإرهاب، وإنما بمجرد طرحه كفكرةٍ مرعبةٍ يمكن أن تؤثر في الرأي العام الغربيّ والخارجيات التي تحاول التقريب بين الطرفين.
ويبدو ترتيب الأولويات جزءاً من أسلوبية وفد النظام في عرقلة التفاوض أيضاً، فكانت الإشكالات التي حققها الوفد وسعى إليها في جلستي التفاوض الأوليين (فك حصار حمص ـ قضية المعتقلين) هي بمثابة إبعاد الوصول إلى أيّ اتفاقٍ حول تشكيل هيئة حكمٍ انتقاليّ، وهو ما حصل بالفعل بعدما تبين عدم قدرة وفد النظام على تقديم أي نتائج واضحةٍ على الأرض. بينما كان القبول ببنود جنيف1 بمثابة عرقلةٍ جديدة، حين أكد جميع أعضاء الوفد على ضرورة مناقشة البنود بالترتيب، بشكلٍ يمكّن هذا الوفد من عرقلة الوصول إلى تشكيل الحكومة الانتقالية، عن طريق تضييع الوقت، والخلاف على البنود الأولى المتعلقة بوقف العنف (قضية الإرهاب ذاتها).

وفد المعارضة الهزيل

لا بدّ من القول بدايةً إن ما قدّمه وفد النظام، سيعجز أيّ وفدٍ معارضٍ على الحصول من خلاله على تقدمٍ سياسيٍّ ما أو نتيجةٍ إيجابية، إلا أنه من الواضح أيضاً أن ما قدّمه وفد المعارضة لم يكن سوى تكرارٍ لجملةٍ من المفاهيم التي ما فتئ يتحدث بها منذ بداية طرح مشروع المؤتمر على طاولة الائتلاف الوطني. إضافةً إلى أن مجمل ما صرّح به الأعضاء والناطق الرسميّ باسم الوفد لم يكن سوى ردود أفعالٍ على رعونة وفد النظام، دون القدرة الواضحة على استخدام ملايين الحجج الواقعية على عدم جدية النظام في التحاور، خاصةً مع استمرار قصف حلب بالبراميل المتفجرة وحصار حمص ومعطياتٍ أخرى.. والأوضح أن وفد الائتلاف كان متلقياً للضربات أكثر مما هو مبادر، متهرّباً من طرح أيّة إمكانيةٍ عسكريةٍ أو دبلوماسيةٍ يمكن الضغط على النظام من خلالها، في ظلّ تململ الشارع الثوريّ من المؤتمر ككلّ، ومن وفد المعارضة أيضاً.