الفساد الأخلاقيّ لسياستنا تجاه سوريا

جينيفر روبن، كاتبة مقالات في الواشنطن بوست
ترجمة: مأمون حلبي

ظهرت سمانثا بَوَر، السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، في تلفزيونٍ أميركيٍّ، لتتحدث بالأساس عن أوكرانيا. وفي نهاية المقابلة سنحت فرصةٌ للمضيف ليسألها عن سوريا.

المضيف: يتحدث شريط فيديو قادم من سوريا هذا الأسبوع عن هجومٍ كيماويٍّ آخر بالغازات السامة. هل نستطيع أن نعرف من خلف هذا الهجوم الذي تتبادل قوات المعارضة والحكومة التهم حوله؟
بَوَر: نحاول أن نعثر على الفاعل. حتى الآن لا يوجد دليل، لكننا أظهرنا في الماضي أننا سنفعل كل ما نستطيع لنتبين ما حدث ثم ندرس خطوات الردّ الممكنة.
المضيف: إن كانت الحكومة السورية هي المسؤولة عن هذا بعد أن رسم الرئيس الخط الأحمر، وبعد أن وعدوا بتسليم الأسلحة الكيماوية؛ هل لدينا أي خيار سوى الضرب عسكرياً؟
بَوَر: لن أستبق الرئيس، لكنه بيَّنَ بوضوح أنه يرى استعمال الأسلحة الكيماوية مخيفاً ومشيناً جداً. لهذا وضع التهديد الجديّ بالقوة العسكرية على الطاولة، ولهذا استطعنا تدمير وإزالة أكثر من نصف الأسلحة الكيماوية السورية حتى اللحظة. لكن الهدف مما فعلناه حتى الآن هو منع أيّ استعمالٍ آخر.
كلام بَوَر المحسوب جديرٌ بالملاحظة. لنتذكر أن بَوَر ألفت كتاباً حول التدخل الإنسانيّ حاز على جائزة بوليتزر، وهو دعوةٌ جريئةٌ للفعل عندما تحدث مجازر جماعيةٌ بحق الأبرياء. ولأنها كانت مشمئزةً من عدم تدخلنا في أحداث إبادة عرقية مثل رواندا، فقد نالت الاستحسان من الليبراليين والمحافظين على إدانتها لسياسةٍ تطوّرت تدريجياً تحت بصر سوزان رايس، والتي هي الآن مستشارة الأمن القوميّ.
لم يتحرك الرئيس أوباما عسكرياً، أو ليساعد الثوّار بشكلٍ كافٍ، ليمنع عدد قتلى يقترب من 200000 في سوريا. ينبغي على أحدنا أن يسأل بَوَرفي مقابلةٍ قادمةٍ عن رأيها في ذلك، وعما إذا كانت جريمة قتلٍ جماعيةٍ بوسائل تقليديةٍ أقلّ فظاعةً؟ وماذا تعتقد أن التاريخ سيقول عن أعمال هذه الإدارة؟ بصراحة، الكثيرون منا يريدون أن يعرفوا كيف تستطيع بَوَََر أن تنام في الليل وهي تعرف أن رئيسها يكرّر تجربة إدارة كلينتون التي أغضبتها.
إنها تقول "سنفعل كل ما نستطيع لنتبين ما حدث"، وبعد ذلك "سندرس خطوات الردّ الممكنة" فقط. إنهم "يدرسون" وعشرات الآلاف يموتون. إنهم يعملون بجدٍّ كبيرٍ لتحديد ما حدث، إلا أن ذلك لا يُترجَم إلى فعلٍ له معنى. ومن الجميل أن نعرف أن الرئيس يجد استعمال الأسلحة الكيماوية "مفزعاً ومشيناً" لأنها استُعملت مراتٍ كثيرة، قبل أن يَعِد بالعمل، وبعد ذلك لم يعمل، وأخيراً رمى المشكلة باتجاه روسيا. عندما يكون إعادة جزءٍ من مخزون الأسلحة الكيماوية الضخم الثمن الوحيد الذي يُدفَع بعد أن تُستَعمل هذه الأسلحة بشكل متكرّر، فما هي الرسالة التي يعنيها هذا؟
لا بدَّ أن بَوَر تخدعنا عندما قالت إن الرئيس "وضع التهديد الجدّيّ بالقوة العسكرية على الطاولة". نعم، لقد فعل ذلك، ثم اعتمد على الكونغرس ليخرجه من هذا الوضع الصعب، وبعد ذلك لم يستعمل هذا التهديد بالقوة. وأخيراً تفشي سراً أن الأسد لديه نصف مخزونه من الأسلحة الكيماوية قياساً إلى العام الماضي. أوباما لم ينزع سلاح الأسد، ولم يستخدم القوة ليمنع استخدام هذه الأسلحة مستقبلاً. لذا يجب ألا يكون مفاجئاً أنه ما زال لدى الأسد الكثير من الأسلحة الكيماوية، ومن الممكن أنه ما زال يستعملها.
مقابلة بَوَر تذكرني بسؤال: ألم يعد أحدٌ يستقيل لأسباب مبدئية؟ أعرف أناساً يُطردون، وآخرين يحصلون على أعمال أكثر ربحاًُ، لكن ماذا حدث لرسالةٍ مكتوبةٍ بكلماتٍ قويةٍ تشرح لماذا لا يسمح ضمير صاحبها بالاستمرار في الخدمة بالإدارة الأميركية؟
أظن أن الناس في هذه الأيام يخدعون أنفسهم عندما يعتقدون أن لهم تأثير. أو ربما صارت النجومية المهنية فوق كل الاعتبارات. بَوَر ليست أسوأ من الآخرين على ما أعتقد، لكن كتاباتها وخطبها السابقة دفعت الكثيرين إلى الاعتقاد أن لديها مرتكزاً أخلاقياً حول هذه القضايا. إنني أتساءل من الذي سيكتب الكتاب عن المجزرة التي لم يتحرك فريق أوباما؛ بَوَر، هيلاري كلينتون، جون كيري، لإنهائها؟