- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
ماذا حصل في كفريا والفوعة بعد إفراغها؟
استولت الفصائل المقاتلة بريف إدلب على كفريا والفوعة، وجرى تقسيمهما لقطاعات؛ فاستحوذت هيئة تحرير الشام على الحصة الأكبر في بلدة الفوعة، وتقاسم كل من فيلق الشام، أحرار الشام، وجيش الشام باقي المنطقة، بينما انتشر فصيل التركستان في قرية كفريا الصغيرة.
لا تعتبر كفريا والفوعة ذات موقع استراتيجي، ولم تستخدم كمقرات أو مستودعات أسلحة، وبدأت العوائل التي تنتمي لهذه الفصائل بالتوجه إليها للسكن، بعد 18 تموز الفائت، موعد عملية تهجير سكان كفريا والفوعة ، باتفاق روسي- تركي- إيراني على متن 121 حافلة أقلت 7 آلاف نسمة تقريباً إلى معبر العيس، حيث جرى تبديلهم مع النظام ب 1500 معتقل.
جولة صغيرة في الفوعة تظهر عدداً من المحلات، كبائع الخضار والجزار والسمان وبائع المحروقات، وعدداً لا بأس به من الأهالي من أماكن مختلفة، وجلّ من استقر هناك هم من أبناء المناطق المهجرة كداريا والزبداني والغوطة الشرقية.
أبو براء من داريا، انتقل إلى الفوعة منذ وقت قريب، قال ل عين المدينة "أثقلتني هموم الحياة والتكاليف وأجرة البيت، لذلك قررت أخذ بيت بالفوعة". يتبع أبو براء لفصيل فيلق الشام، ويعتمد على المكافأة الشهرية التي يمنحها الفيلق "لا تكفي لشيء... أنوي العودة لمهنتي القديمة (المعجنات) وبموافقة صغيرة من المسؤولين بالفيلق يمكنني الحصول على محل في الفوعة لإعادة فتحه" أوضح أبو براء.
مهاب مهجر، أيضاً من ريف دمشق، ويرهقه إيجار المنزل، ولكنه لا ينوي الانتقال إلى الفوعة، فهو يرى أن هذه الأملاك يجب أن تترك على ماهي عليه لحين انتهاء الحرب: "صحيح أننا هجرنا من أرضنا، واستولى النظام على أملاكنا واستباحها، ولكن لا يمكننا أن نعامله بالمثل. أخلاقنا وديننا لا يسمح لنا". ومع اختلاف الرأي بين أبو براء ومهاب، ولكن أحداً لم يجبر الآخر على التقيد برأيه "لكل ظروفه، قد أكون أمتلك فرصة عمل وأجرة بيت منخفضة، أما أبو براء فقد يكون حاله صعب واضطر للانتقال" يوضح مهاب.
الشيخ محمد نجيب السالم، عضو سابق بالمجلس الإسلامي السوري، رأى، خلال حديث لـ عين المدينة، أن الأصل أن يجري التحفّظ على ممتلكات كفريا والفوعة لحين انتهاء الثورة والصراع في سوريا؛ وقد يجوز استخدامها عند الضرورة لإسكان المهجّرين من المناطق الأخرى، من غير عبث وتخريب. وأوضح أن "تحكم الفصائل وتصرفها بالممتلكات وعمليات استيلاء ونهب كالتي جرت في عفرين، وقبلها في بعض ممتلكات الشبيحة؛ يعني إعطاء شرعية للنظام في مصادرته ممتلكات الثوار والمعارضين، فما ننتقده نقع أيضاً فيه".
منذ إفراغ البلدتين، أصدرت هيئة تحرير الشام قراراً بمنع تعفيش أي ممتلكات، ونصبت الحواجز لذلك، ولكن سكان محليين ونشطاء رصدوا الكثير من السيارات الخارجة من هناك، وقد حُمّلت بالأغراض.
غيث السيد، ناشط إعلامي من بنش المتاخمة للفوعة، قال إن تهجير المليشيات الإيرانية كان أمراً ضرورياً، ولكني لست مع تهجير المدنيين، "ضمن الاتفاق هناك فقرة تنص على أن المدينين الذين يبقون في المدينة لن يتعرض لهم أحد، ولكن إيران أصرت على إخراج جميع السكان". لم يتوجه سكان بنش للاستيلاء على أراضي وممتلكات في الفوعة، ولكن ضعاف النفوس عفشوا الكثير، وأفرغوا بيوت من محتوياتها، وقاموا ببيعها، يوضح غيث مستنكراً هذا الفعل.
حوالي ٥٠ ألفاً سكان كفريا والفوعة أساساً، إلا أنه تناقص مع حصارهما لقرابة 21 ألفاً (8 آلاف في كفريا و13 ألفاً في الفوعة)، وأفرغتا على دفعات بدأت بخروج نحو 300 حالة إنسانية، بالتوازي مع إخراج عدد مماثل من الزبداني ومضايا ضمن اتفاق المدن الأربع، ثم 1500 حالة إنسانية أيضاً ضمن اتفاق حلب الشرقية، وبعدها خرج 5000 مدني عبر معبر الراشدين، وتعرقل الاتفاق بعد الانفجار الذي شهدته المنطقة.
إفراغ كفريا والفوعة أسهم، بحسب السيد، إلى إعادة فتح الأوتوستراد الدولي الذي يصل إلى معبر باب الهوى الحدودي، والذي يشكل طريق تجاري هام وفر مسافة 20 كم على التجار وسائقي الشاحنات، قياساً إلى طريق معرة مصرين الذي كان يجانب كفريا والفوعة اللتين تقعان على الأتوستراد.
الكاتب الصحفي محمد عادل الشوك اعتبر أن ما جرى في كفريا والفوعة تغيير ديموغرافي أصرت إيران عليه، وساهمت فيه الفصائل التي خاضت التفاوض، سواء شعرت أم لم تشعر. وأضاف أن "البلدتين من حق المهجرين ضمن اتفاق المدن الأربع وباقي المناطق، لأن ما حصل ربما يستغرق جيلاً كاملاً حتى يعود إلى طبيعته، فالأمور في سوريا أصبحت حرباً شبه طائفية أرادتها إيران ومن خلفها النظام".
ورغم اتجاه الرؤى لتقديم بلدتي كفريا والفوعة إلى المهجرين لحل أزمة المأوى التي يعانون منها، إلا أن الفصائل المتحكمة مازالت تدير البلدتين بطريقة عسكرية بحتة، فما تزال السواتر الترابية وسيارات الدوشكا والأسلحة الثقيلة هي المشاهد المسيطرة، ولا يوجد أي خطة أو نية، على ما يبدو في الوقت الراهن، لتسليم البلدتين لسلطة مدينة.